Thursday, December 18, 2008

إعادة التفكير فى المصلحة القومية - الواقعية الامريكية من
أجل عالم جديد 

بقلم: د. كندوليزا رايس
ترجمة : صالح موسى السليمي

الدكتورة رايس سياسية مثيرة للجدل في الاوساط العالمية و هي كما هو معلوم محل ثقة الرئيس الامريكي جورج بوش وهي فوق هذا و ذاك اكاديمية مرموقة و خبيرة في العلاقات الدولية لاسيما العلاقات السوفيتية الامريكية ابان ما عرف بحقبة الحرب الباردة و هي مستشار الامن القومي الامريكي الذي وقعت في عهده هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م ، يجسد هذا المقال بوضوح شديد النظرة الآحادية و المتعالية الامرالذي يفسر التخبط الذي يشوب السياسة الدولية و الارتباك الذي تعانيه سياسة الولايات المتحدة الخارجية ، وهو ما دفعني لترجمته . نسبة لطول المقال رأيت ان أٌترجمه على اجزاء لتسهيل الاطلاع عليه من قبل قراء لغة الضاد . ابتدرت الدكتورة كندوليزا رايس مقالها المطول بالسؤال التالي : ما هى المصلحة الوطنية ؟ هذا السوال الذى تناولته فى العام 2000م على هذه الصفحات أنه الوقت الذى بدأنا فيه نحن كامة نتحدث عن ماعرف بــ "حقبة الحرب الباردة السابقة " حينها عرفنا بشكل واضح اين نقف ! اكثر مما نحن مقبلين عليه " ثم حدثت تغييرات هائلة ، تغييرات إدركناها فى حينها ولكن تأثيرها ظل مجهولاَ .
ثم جاءت هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001م . كما تبع الهجوم على مرفأ فى 1941م ، إستيقظت الولايات المتحدة على عالم مختلفاً جذرياَ . فقد دٌعيينا بالحاح لتحديد منظور جديد لما يشكل تهديداَ أو ربما يكون فرصة ، ومن خلال استراتيجية الصدمة السابقة ، بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر يمكن للمرء إن يتبين كل من العناصر المستمرة وتلك العناصر التي طرأ عليها تغيير فى سياستنا الخارجية . الذى لم يتغير هو علاقتنا بالقوى التقليدية مع مراعاة نشؤ قوة رادعة تبقى ذات أهمية لنجاح السياسات المعتمدة . بالتالى كان تحذيرى فى 2000م هو أنه يجب أن نبحث في تصحيح العلاقة مع القوى الكبرى روسيا والصين وضم قوى كالهند والبرازيل ، هو ما اصبح يحدونا باستمرارنا . كما في السابق حلفائنا فى امريكا ، أوروبا وآسيا ظلوا أعمدة النظام العالمى . ونحن الآن نهيئهم لمجابهة تحديات العصر الجديدة .

الذى تغيير بشكل واسع (في سياستنا الخارجية )، هو طبيعة نظرتنا لديناميات الدول وتوزيع مراكز القوة بينها . كما أظهرت العولمة قوة بعض الدول فضحت واشارت الى فشل آخريات – فعلى الدول الفقيرة أو تلك التى تعانى نظم حكم غير رشيدة مواجهة التحديات داخل حدودها وحمايتها حتى لا تهدد استقرار النظام العالمى ، أنه لأمر حيوى بالنسبة لأمننا القومى فى هذا المناخ الاستراتيجى ، أن ترغب الدول ويكون لها القدرة على ممارسة مسؤوليتها داخل حدودها وخارجها . هذه الحقيقة الجديدة قادتنا إلى إحداث بعض التغييرات الهامة فى سياستنا . حيث ادركنا الآن أن بناء الدولة الديمقراطية مكون ضروري فى مصلحتنا القومية . وفى الخارج ، الشرق الأوسط أدركنا أن الحرية والديمقراطية هما الافكار الوحيدة التى تقود وعبر الزمن إلى العدالة والاستقرار النهائي سيما فى أفغانستان والعراق .
كما فى الماضى ، فان سياساتنا مستقرة ليس بفضل قوتنا فحسب ولكن بفضل قيمنا كذلك ، للولايات المتحدة محاولات كثيرة للمزج بين القوة والمبادىء – الواقعية والايدولوجية . أحياناَ يوجد توتر قصير الاجل بينهما . ولكننا نعرف دائماَ أين تكمن مصالحنا طويلة الأجل . ثم أن الولايات المتحدة لن تكون محايدة تجاه أهمية حقوق الأنسان أو إعلاء الديمقراطية للحكم في كلاهما نظرياَ وعملياَ . هذا هو تفرد الواقعية الامريكية الذى حدانا خلال السنوات الثمانى الماضية ، كما يجب أن يحدونا خلال الأعوام القادمة .

القوة العظمى قديماَ وحديثاَ

بالضرورة ، علاقتنا بروسيا والصين مبنية على المصلحة المشتركة اكثر منها على القيم المشتركة . مع روسيا وجدنا ارضية مشتركة وندلل على ذلك بـ" بالاطار الاستراتيجى " الاتفاقية بين الرئيس جورد دبليو بوش والرئيس الروسى فلاديمير بوتن الذى وقعت فى سوتشي فى مارس من هذا العام 2008 علاقاتنا بروسيا اختبرت على نحو موجع بسبب اقوال روسيا وميولها لمعاملة جيرانها السابقين كقاصرين " مجال السيطرة " ومن خلال سياساتها فى مجال الطاقة ذات الاجندة السياسية . الشأن الروسى الداخلى يمثل مصدر خيبة امل كبيرة ، خاصة في 2000م كان الامل السائد ان تتقارب معنا من حيث القيم . ومن ثم فإنه من الافضل ان نتذكر ان روسيا ليست الاتحاد السوفيتى . وهي ليست عدواَ دائماَ ولا مهددا استراتيجياَ، روسيا الآن تتمتع بفرصة عظيمة بل حرية شخصية اكثر من اى وقت مضى فى تاريخ هذا البلد . ولكن هذا وحدة لا يمثل معياراَ لما يرغب الروس أنفسهم بتحقيقه . روسا ليست فقط قوى عظمى ، فهى كذلك ارض و ثقافة لشعب عظيم . وفى القرن الواحد وعشرين فإن العظمة تقاس بالتطورالتكنولوجي والاقتصادي الذي يتدفق طبيعياَ فى مجتمعات منفتحة وحرة . هذا مايفسر التزامن فى كلاهما ، ربط التطورالكامل في علاقاتنا روسيا بالانتقال الروسي الداخلى نحو الانفتاح .
فى الثمانى سنوات الاخيرة واجهنا بتحدى ضرورة التعامل مع تأثير الصين الناهضة ، ليس ثمة ما يدعونا للقلق اذا ما استخدمت هذه بطريقة معقولة. كما اكدنا ذلك لبكين انه وبقدر عضوية الصين الكاملة فى المجتمع الدولي تكون المسئوليات ، سواء فى سلوكها الاقتصادى وسياستها التجارية ، منهجها في الطاقة والبيئة او سياساتها فى الدول النامية . قيادات الصين يدركون ذلك جيداً ويتحركون ببطء نحو منهج التعاون فى مجال المشكلات ، مثلاَ فى دارفور ، بعد سنوات من الدعم الواضح للخرطوم إجازت الصين لدى مجلس الأمن قرار القوة الهجين قوات حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والأتحاد الافريقى ودفعت بكتيبة مهندسين لتمهيد الطريق لقوات حفظ السلام . الصين فى حاجة لفعل الكثير فى قضايا مثل دارفور وبورما والتبت ، و نحن قد ابقينا على حوار نشط وصريح مع القيادات الصينية حول هذه التحديات . تشارك الولايات المتحدة العديد من الدول القلق بشأن النمو الصين المضطرد فى نظم الاسلحة ذات التكنولوجيا العالية .نحن نتفهم كتطور كل الدول ، انهم سيحدثون قواتهم المسلحة ، و لكن قلة الشفافية الصينية بشأن انفاقها العسكري و منهجها واهدافها الاسنراتيجية يزيد من عدم الثقة و الشكوك بالرغم من ان بكين وافقت على اتخاذ خطوات متسارعة لتعميق التعاون الصيني الامريكي في المجال العسكري .هذا يتطلب تجاوز الاقوال بالنوايا الحسنة الي الافعال لجهة الارتباط الحقيقي من اجل طمأنة المجتمع الدولي .
علاقاتنا مع روسيا و الصين معقدة و تتسم بالتعاون و التنافس في آن واحد إلا انه في غياب علاقات عملية مع هاتين الدولتين ، الحلول الدبلوماسية لكثير من المشكلات الدولية تصبح نوعاً من المراوغة .الارهاب العابر للحدود و انتشار اسلحة الدمار الشامل ، التغيير المناخي و عدم الاستقرار الناشب من الفقر و الامراض – هذه مخاطر تهدد جميع الدول الناجحة بما فيها الدول التي كانت في السابق على في حالة عداء .انه يتحتم على الولايات المتحدة ايجاد مساحات للتعاون و الاتفاقيات الاستراتيجية مع روسيا والصين حتي في حال وجود اختلافات جوهرية .
بوضوح ، روسيا و الصين يتحملان مسؤلية خاصة و عبء بوصفهما اعضاء دائمين بمجلس الامن و لكن هذا ليس الاطار الوحيد الذي بإمكاننا العمل داخله ، مثال اخر انبثق في شمال شرق اسيا اطار الاطراف الست . قضية اسلحة كوريا الشمالية كادت ان تقود الي صراع بين دول شمال شرق اسيا او الي عزلة الولايات المتحدة ، يضمن مصالح متفرقة و حيوية الصين ، اليابان ، روسيا ، كوريا الشمالية و الاولايات المتحدة . عوضاً عن ذلك صارت سانجة للتعاون و تنسيق الجهود لجهة التحقق من ارساء منهاج اللانووية . و عندما قامت كوريا الشمالية بتجربة نووية العام الماضي الدول الخمس الاخرى اسست تحالف و ذهبت الي مجلس الامن لاصدار قرارات تحت الفصل السابع مسبقاً. هذا القى بضغوط مكثفة على كوريا الشمالية من اجل الرجوع الي محادثات الاطراف الست و اغلاق مفاعل يونقبيون . عمدت الاطراف الي مأسسة هذا السلوك من التعاون من خلال بناء آلية شمال شرق اسياء للامن والسلام – بوصفها الخطوة الاولي تجاه اطار أمني بالاقليم . اهمية العلاقات القوية مع اللاعبين العالمين تمتد الي اولئك اللاعبين الجدد . و من هؤلاء و سيما الهند و البرازيل ،مع هؤلاء الولايات المتحدة اقامت روابط واسعة و عميقة . الهند تقف في خطوط العولمة الامامية . هذه الدولة الديمقراطية على موعد مع ان تكون قوة كونية حليفة في صياغة نظام عالمي مبني على الحرية و حكم القانون . نحاج البرازيل في تطبيق الديمقراطية و نظام السوق لمجابهة قرون من عدم المساوة الاجتماعية المريعة له اصداء عالمية . اليوم والهند و البرازيل بيدوان خارجياً كما لم يكونا من قبل ،واثقتين من قدرتهما على المنافسة و النجاح ضمن الاقتصاد العالمي .في كلا البلدين ، المصالح الوطنية يعاد تعريفها على انها ما يمكن ان تحققه الهند و البرازيل في سعيهما نحو الدعم المباشر لنظام عالمي ديمقراطي ، آمن و مفتوح ، و مسئوليتهم النسبية في تقويته و حمايته من التحديات العابرة للحدود الوطنية في عصرنا هذا .نحن لنا مصالح حيوية في نجاح و ازدهار هذه وتلك الديمقراطيات متعددة الاثنيات ذات الامتداد العالمي مثل اندونيسيا و جنوب افريقيا. و كما ان القوة الناشئة غيرت من الفضاء والجيوسياسي يصبح من الاهمية تتغيير المؤسسات العالمية لتعكس هذه الحقائق ، هذا ما يفسر دعم الرئيس جورج بوش الواضح لمبدأ التوسعة المعقولة لمجلس الامن .

قيم مشتركة و مسئولية مشتركة

بقدر اهمية العلاقات مع روسيا و الصين عملنا مع حلفاؤنا، اولئك الذين يشاركوننا في القيم . تلك هي السياسة الدولية المتحركة – يمثل هذا العمل فرصة لتمدد دولة الحكم الرشيد و حكم القانون و الديمقراطية في عالمنا و هزيمة التحديات التي تواجه هذه رؤية النطام العالمي . لذلك التعاون مع حلفاؤنا الديمقراطيين لايحكم عليه ببساطة، و لكن بمدى ارتباطنا مع بعض ، بل يحكم عليه من خلال عملنا المشترك لهزيمة الارهاب و التطرف ،مقابلة التحديات الكونية ، حماية حقوق الانسان و الكرامة ودعم الديمقراطيات الجديدة .في امركا هذا يعني تقوية روابطنا مع الديمقراطيات الاستراتيجية مثل المكسيك ، كولمبيا ، البرازيل و شيلي من اجل تعزيزالتطور الديمقراطي في نصف الكرة الارضية،معاً ندعم الدول التي تقاوم من اجل الديمقراطية مثل هايتي لتأمين تحولهم الي الديمقراطية و الامن . معاً نحمي انفسنا من مهربي المخدرات ، العصابات الاجرامية ،وبقايا الاستبداد في نصف الكرة الارضية الديمقراطي . الاقليم مازال يواجه التحديات منها التحول القادم في كوبا و ضرورة دعمها، و بوضوح حق الشعب الكوبي في مستقبل ديمقراطي .لاشك ان قرون من الشك القديم حول مثابرة الولايات المتحدة في الاقليم ، و لكننا بدأنا نكتب فصل جديد لايتحدث عن تطور الاقتصاد الكلي و التجارة فحسب و لكن عن الحاجة لقيادات ديمقراطية لمواجهة مشكلات العدالة الاجتماعية و عدم المساواة .
انا اعتقد ان اكثر القضايا الحاحا بالنسبة لنا في الحاضر هي علاقتنا مع حلفاؤنا القدامي . هدف اوروبا ككل ، في الحرية و السلام شارف على الاكتمال. الولايات المتحدة ترحب وبشدة باوروبا متحدة و متماسكة .لاشك ان الاتحاد الاوروبي اصبح مرتكز اساسي للثورة الديمقراطية في اوروبا الغربية بعد الحرب الباردة . نأمل بشدة ان يأتي اليوم الذي تاخذ فيه تركيا مكانها في الاتحاد الاوروبي .العضوية في الاتحاد الاوروبي و الناتو اصبحت جاذبة بما فيه الكفاية لجهة قيادة الدول لعمل الاصلاحات اللازمة و تبحث الحلول السلمية للنزاعات طويلة الامد بين جيرانهم. بالطبع العكس صحيح: نقل الاعضاء الجدد هاتين الدعامتين للعلاقات عبر الاطلنطي . اثني عشر من اعضاء حلف الناتو الثمانية وعشرون هم من الدول التي كانت تعيش في كنف الاتحاد السوفيتي . اثر انضمامهم الى الحلف ينعكس في التفاني في ترقية و حماية الديمقراطية . سواء ارسلوا قوات لافغانستان أو العراق أوعملوا بشراسة على ضمان توسع حلف الناتو، هذه الدول اضفت للحلف حيويةً و توهجاً.في السنوات القريبة ، مهمة الحلف و اغراضه قد تطورت . في الحقيقة الكثيرون يتذكرون عندما شهد الحلف العالم منقسم الى جزئين: اوروبا "خارج النطاق" وهي بشكل اساسي في مكان ما. اذا قال احدهم في عام 2000م ان حلف الناتو اليوم يجتث جذور الارهاب في قندهار، يدرب قوات الامن في العراق الحر، يقدم دعم ملموس لقوات حفظ السلام في دار فور، يمضي قدماً نحو الدرع الصاروخية، على امل الشراكة مع روسيا ، من يصدق ذلك ؟ الثبات والمرونة لحلف الاطلنطي هي السبب الوحيد الذي جعلني اوقن ان اللورد بالمرستون كان على خطأ عندما قال : ليس للامم تحالفات ثابتة. الولايات المتحدة لها حلفاء دائمين : الامم التي لنا معها قيم مشتركة.كذلك عملية الديمقراطية تجذرت عبر اقليم آسيا والباسفيك. هذا يوسع دائرة تحالفنا و يعجل باهدافنا المشتركة . في الحقيقة ، بالرغم أن من الكثيرين يعتقدون ان نهوض الصين يحدد مستقبل آسيا– و محتمل حتى بدرجة اكبر – سيفسح المجال لنهوض المجتمع الديمقراطي المتسارع لدول آسيا. هذه هى نتيجة الجغرافية السياسية الواضحة في القرن الواحد و عشرين ،والولايات المتحدة محقة في ذلك .نحن نتمتع بتحالف ديمقراطي قوي مع استراليا ، مع دولة مفتاحية في جنوب شرق اسيا، ومع اليابان المارد الاقتصادي الذي ينطلق كدولة "عادية " قادرة على العمل لتأمين ونشر قيمنا في كل من اسيا و ماورائها. كوريا الجنوبية كذلك اصبحت الشريك الدولي الذي يفخر تاريخه برحلة ملهمة من الفقر والديكتاتورية الي الديمقراطية والازدهار.أخيراً، الولايات المتحدة لها سند حيوي في بروز الهند كقوى دولية و مزدهرة والعلاقات بين البلدين أبداً قوية و متنامية. وهي تعمل بأستمرار وهذا اختراق درامي في كل من مصالحنا الاستراتيجية وقيمنا .
الان يمكننا الحديث عن انبثاق حلفاء ديمقراطيين في افريقيا كذلك . وغالبا ما ينظر لافريقيا فقط على انها محل القلق الانساني او حزام للصراع . و لكن القارة شهدت انتقالات ناجحة نحو الديمقراطية في بضع دول ، من بيهم غانا ، ليبيريا ،مالي وموزمبيق . إدارتنا عملت على مساعدة القادة الديمقراطيين لهذه و الدول الاخرى لتزويد شعوبهم – أغلب هؤلاء يتصدون لكارثة قارية هي (HIV/AIDS) بجهد السلطة غير المسبوق ،التصور ، والرأفة .نحن كنا كذلك شريك نشط في حل الصراعات – ابرام اتفاقية السلام الشامل التي انهت الحرب الاهلية بين شمال و الجنوب في السودان، تنشيط الارتياط في إقليم البحيرات العظمي ، التدخل المحدود للقوات العسكرية الامريكية بالتنسيق مع الاتحاد الافريقي لانهاء النزاع في ليبيريا. بالرغم من النزاع في دارفور و الصومال و مواقع اخري يبقى عنفاً مأساوياً و لم يعالح بعد، الجدير بالملاحظة التقدم الملحوظ الذي تحققه الدول الافريقية على جبهات شتي و الدور الذي الذي تلعبة الولايات المتحدة في دعم الجهود الافريقية لمعالجة مشاكل القارة المستعصية .

النموذج الديمقراطي للتنمية

مع محدودية تأثير الولايات المتحدة على الدول القوية ،فإن قدرتنا على تعزيز السياسات السلمية وتطوير اقتصاديات الدول الضعيفة و الفقيرة جدير بالاعتبار .يجب ان نرغب بإستخدم قوتنا لهذا الغرض – ليس لاهميته فحسب ولكن لانه الاوفق . أيضا في احوال كثيرة ،تطور الديمقراطية و تطورالتنمية ينظر اليهما كهدفان منفصلان . في الحقيقة ، يتزايد بوضوح ان التجربة ومعاهد الديمقراطية اساساً لايجاد مؤازرة ، تنمية اقتصادية ذات قاعدة عريضة- تلك التنمية القائمة اقتصاد السوق اساسية لتعزيز الديمقراطية . التنمية الديمقراطية هي نموذج اقتصادي سياسي موحد ، و توفر مزيج من المرونة و الاستقرار التي تمكن الدول من انتزاع فرص العولمة بشكل افضل و ادارة تحدياتها. و للذين يفكرون بشكل مختلف : ماهو البديل الحقيقى الجدير لامريكا هنا؟
التنمية الديمقراطية ليست الطريق الفعال للثروة والسلطة فحسب؛ لكنها الطريق الافضل لتأكيد ان العوائد تشترك فيها فئات المجتمع بأسره ، دون اقصاء، كبت او عنف. لاحظنا ذلك مؤخراً في كينيا ، حيث الديمقراطية مكنت المجتمع المدني ، الاعلام ،رجال الاعمال للتضامن سويا مطالبين بحوار سياسي مباشر يحول دون انزلاق الدولة في عمليات تطهير عرقي ، و يرثي اساس متين للمصالحة الوطنية .في نصف كرتنا الارضية ، التنمية الديمقراطية.

Thursday, June 19, 2008

لعنة النفط : براميل الدم



يعتقد البروفسير مايكل روز استاذ العلوم السياسية بجامعة كلفورنيا – لوس انجلوس : إن السلام يسود العالم الآن اكثر مما كان عليه الحال قبل 15 عام حيث تم رصد- قبل هذه الفترة- حوالي 17 صراع خطير و تشير كلمة خطير الي أن ضحايا الصراع المعني يتجاوز عددهم الالف قتيل سنوياً، هذا النوع من الصراعات تبقي منه فقط 5 صراعات حول العالم بينما انخفض عدد الصراعات الاقل خطورة من 33 الي27 حول العالم .
و بغض النظر عن هذا المنهج الكمي ، فإن عدد الصراعات في الدول المنتجة للنفط لم ينخفض لجهة ان الثروة النفطية ذات اثر تدميري على اقتصاديات هذه الدول ،حيث يستغل المتمردين النفط في تمويل انشطتهم ، كما تؤجج الثروة النزاعات الاثنية .اليوم و مع تناقض العنف بشكل عام فأن الدولية النفطية تحتل الصدارة في تنامي العنف و الصراعات بها ، وهي الآن تستضيف ثلث الحروب الاهلية في العالم بتصيفيها الخطيرة و الاقل خطورة حيث كانت في عام 1992 تمثل الخُمس . وفقاً للبعض ، فإن غزو الولايات المتحدة الامريكية للعراق يعكس ان النفط هو المغذي الرئيسى للحروب بين الدول ، وهو كذلك السبب في تنامي العنف بين مكونات الشعب العراقي ذاته .
ومن المرجح ان تتنامى في المستقبل أعداد الصراعات المرتبطة بالنفط في الدول النامية تبعاً لتزايد اسعار النفط و الغاز. في عام 2001م ثمنت مجموع العمل الخاصة بالطاقة بإدارة الرئيس بوش ظهور منتجون جدد للطاقة كفرصة لامريكا لتنويع مصادر وارداتها من الطاقة و يقلل اعتمادها على النفط المنتج في الخليج الفارسي . اكثر من اثنا عشر دولة في افريقيا ،حوض قزوين وجنوب شرق اسيا اصبحت حديثاً أو سيصبح قريباً من اهم مصدري النفط و الغاز. بعض هذه الدول بما فيها تشاد ، تيمور الشرقية و ميانمار تعاني مسبقاً من الاضطرابات الداخلية . و ما تبقى دولاً فقيرةً ،غير ديمقراطية و تحكم بواسطة نظم سيئة مما يرشحها للعنف كذلك . و في مقدمة ذلك ، فإن اسعار النفط تخلق نوعاً من الاقتصادات الهشة مما ينتج معه مزيد من الاضطراب.
فالنفط ليس استثناءاً ، الماس و المعادن الاخري تخلق مشاكل مماثلة ، و لكن كسلعة يلهث ورائها العالم ، مع اعتماد كثير من الدول عليها اكثرمن الذهب و النجاس او اي مورد آخر ، النفط له اثر اكثر وضوجاً و اكثر انتشاراً.

اللعنة

إن إزدهار النفط في السبعينات جلب معه نعمة عظيمة – و لكنه مؤخراً انغلبت الي نغمة – لكثير من الدول النفطية الغنية في العالم النامي .وفي السبعينات كذلك حظيت الدول النفطية بنمو اقتصادي سريع . و لكن في الثلاثة عقود اللاحقة كثير منها عانت لعنة الدين ،تزايد البطالة والضمور الاقتصادي. علي الاقل نصف اعضاء منظمة الاوبك اصبح من الدول الفقيرة بحلول العام 2005م اكثر مما كان عليه الحال بالنسبة لهذه الدول قبل 30 عاما خلت . الدول النفطية الغنية التي كانت واعدة يوماً ما ، مثل الجزائر و نيجيريا فشلت كنتيجة لعقود من الصراعات الداخلية . هذه الدول اصيبت بما يعرف بلعنة النفط . احد جوانب المشكلة هو متلازمة اقتصادية تعرف بالداء الهولندي ، ظهرت هذه المتلازمة بعد الاضطرابات التي ضربت الاقتصاد الهولندي في العام 1960م بعد اكتشاف الغاز الطبيعي في الشمال .

بقلم البروفسير :مايكل روز - مجلة الشئون الدولية


ترجمة : صالح موسى السليمي

بلغاريا - صوفيا
17/6/2008م

Monday, May 19, 2008

نظام القرية الكونية بين الاستعلاء الثقافي والثقافة الإنسانية الواحدة

مفهوم النظام العالمي

عندما نتحدث عن النظام العالمي الجديد يتبادر إلى الذهن مركز القوة الأحادي الذي نتج عند انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل تسعينات القرن الماضي وخلوا المعترك السياسي من الأنداد الدوليين الذين تبلورا كنتاج طبيعي للحرب العالمية الثانية التي انبثق عنها كتلة الاتحاد السوفيتي وخلفائه المسماة بالكتلة الشرقية ، والولايات المتحدة الأمريكية وخلفائها المسماة بالكتلة الغربية ,لقد دب الصراع بين الكتلتين ظاهراً معلناً وخفياً مستتراً فالأول عرف بحرب الوكالة بين المعسكرين والتى تتبدى جلياً في حرب أفغانستان التي أصبحت ساحة من ساحات المعارك بين الروس والأمريكان ,والثانية المستترة الخفية تتمثل في حرب المعلومات والجاسوسية والمخابرات. ولكن حقبة التسعينات حسرت النقاب عن تفوق مذهل للقطب الغربي- للولايات المتحدة الأمريكية - كقاعدة للمعسكر الإمبريالي كما حسرت النقاب أيضاً عن ضعف مريع وانهيار مدوي للدب الروسي ، فبانهيار الاتحاد السوفيتي تبلور ما عرف بالنظام العالمي الجديد الذي كان في طور التشكيل حتى فوجئ العالم و فوجع بأحداث الحادية عشر من سبتمبر المروعة وما تبعها من أحداث مثل الحرب على أفغانستان بحجة القضاء على الإرهاب الذي نتج عنه دحر حكومة طالبان والزج بقادتها في قعر سجن مظلمة في غوانتانامو وما تلاها من أحداث حرب على العراق واحتلاله دون مبرر موضوعي أو سند في القانون الدولي أو العرف الدولي، في حرب تقودها الولايات المتحدة وحليفها الذليل المملكة المتحدة – بريطانيا
إن النظام العالمي الجديد الذي أخذ يتشكل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت معالمه واضحة فيما حدث في أفغانستان والعراق فما هي آثاره على عالمنا العربي والإسلامي


الإيجابيات

إن كان لتشكيل القطب الواحد والنظام العالمي الجديد إيجابيات فأننا نرصدها في الجوانب التالية
الدعوة للديمقراطية
لقد لوحظ أنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي تبنت الولايات المتحدة الأمريكية دعوة مفادها السعي لتغيير نظم الحكم في الدول النامية المعروفة بدول العالم الثالث التي تبع معظمها لدول الكتلة الشرقية والمنظومة الاشتراكية, إذ طفق دعاة هذه المنظومة ينادون بإزالة النظم الشمولية القابضة وإحلالها بأخرى ديمقراطية يتم فيها تبادل السلطة سلمياً عبر صناديق الاقتراع ، إن مثل هذه الدعوات إن صدقت فإنها تدعم بقوة التغيرات السياسية الإيجابية في تلك الدول وإن لم تكن صادقة فإنها تشحن قيادات هذه الدول بمفاهيم إيجابية وتحقنهم بإنزيمات تفعل فعل السحر في أمزجت الشعوب لجهة حفز التحولات الديمقراطية المطلوبة و رفع عصي الحكام عن الشعوب المقهورة .
2. الدعوة لحقوق الإنسان: منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1945م و بالرغم من ما تضمنه من بنود كفلت حق المساواة بين أبناء الضمير الإنساني الواحد ، وتكافل دماء بنى البشر وحقوقهم الطبيعية بالرغم من ذلك إلا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يجد سبيل للتطبيق ولم يجد حظه في التعبير بسبب تناحر القطبين وسعيهم الدائم للسيطرة ، وإن انطوت على انتهاك صارخ لحقوق الإنسان إن تبني مثل هذه الدعوة من قبل القطب الواحد فإنه يثرى هذه الدعوة ويسهم موضوعيا في سبيل تنفيذ هذا الإعلان الذي يتنزل منبثقا عن حقوق الإنسان التي أرساها القرآن الكريم منذ 14 قرن وربع قرن .
3. الدعوة للقرية الكونية: إن حركة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جعلت من العالم قرية واحدة ولكنها كونية يقطنها 6 مليارات من البشر تتباعد بينهم الأصقاع وتتنائى بينهم المسافات ولكنهم على اتصال دائم على مدار الساعة والدقيقة بل ان المعلومات تتقاطع في شبكة دقيقة النظم محكمة الضبط وأصلة غير فاصلة ناقلة للعلم والمعرفة في مساحات غير محدودة .`فأما عن حتمية اتصال الحضارات فشئ لا يستطيع أحد إنكاره بل ان سنة الله فى الأرض جلا و علا فى الوجود اقتضت ان يقوم الكون على سنة التدافع يقول الله تعالى "و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"سورة البقرة :251 ويقول تعالى "لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع يذكر فيها اسم الله كثيرا "الحج:40
4. تبني الثقافة الإنسانية: إن الثقافة في مجملها حامل للقيم والعادات والتقاليد والنظم والأنساق فالثقافة الإنسانية الواحدة هي النتاج الطبيعي الإيجابي للثقافات العالمية وهي تتلا قح وتتصاهر وتتمازج في انسجام يرقى بوحدة الإنسان في النوع والهدف والمنشأة والمستقبل والمصير ، إن الاتجاه العالمي في قطبيته الأحادية ودعوته لثقافة واحدة للإنسانية يكون قد خط اللبنة الأولى إلى ما يعرف لدينا في العالم الإسلامي بالأمة الإبراهيمية التي تتقاطع قيمها وتتماها ثقافاتها خدمة للنوع الإنساني .
5. التلاقي المعرفي: كما أننا قد أكدنا سابقا بأهمية توفر الوسائط المعرفية ودعمها في إطار القطبية الأحادية فأننا نؤكد مرة أخرى ان نظام القطب الواحد شجع فيما شجع على التقاطع المعرفي أو الثراء المعلوماتي الذي يملأ الفضاءات بين الإنسان وأخيه الإنسان أين ما حل وأين ما قطن . إن الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مثلما لها إيجابيات لها الكثير من السلبيات التي يمكننا ان نذكر منها ما يلي
. التهديد بتفكيك الدولة القومية

ان الدولة القومية التي نشأت بموجب مؤتمر صلح وستفاليا1641 م لم تشهد هزة تهددها بالتفكك و الانهيار مثلما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حتى دخل مفهوم انهيار الدولة كمصطلح فى العلوم السياسية ان انهيار دول مثل الصومال و أفغانستان و العراق أخيرا لهو جنحة سياسية تلطخ وجه التاريخ , وهى كذلك بادرة بالغة الخطورة على مستقبل العالم و الدول الأقل نموا . و فى اطار منطقة ) تعتبر الولايات المتحدة الخليج منطقة أمن ومصالح أميركية، ويعبر عن ذلك مجموعة من المبادئ الأميركية لحماية مصالحها في الخليج، مثل: مبدأ نيكسون الذي يهدف إلى قطع السبل أمام الزحف السوفيتي نحو الخليج بالاعتماد على قوى إقليمية مثل إيران قبل الثورة الإسلامية فيها عام 1979، وقد مارست إيران تحت حكم الشاه دور الشرطي الأميركي في منطقة الخليج، وشكلت قاعدة عسكرية للأميركان في مواجهة السوفييت . واعتمدت الاستراتيجية الأميركية بعد فشل مشروع نيكسون في توفير الأمن في الخليج مبدأ كارتر الذي أعلنته الإدارة الأميركية في أعقاب الغزو السوفيتي لأفغانستان، وينص على الأهمية الحيوية والاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي في السياسة العالمية للولايات المتحدة وعلى تصميمها على الدفاع عن منطقة الخليج ومنع وقوعها في يد معادية لها. وأدت أحداث سبتمبر/ أيلول عام 2001 إلى تغيير بعض المفاهيم الاستراتيجية بعد دخول دول الخليج في الحلف الأميركي لمحاربة الإرهاب واحتلال العراق، وأدى ذلك إلى إدخال اليمن في منظومة مجلس التعاون الخليجي لتشارك جزئيا في بعض فعاليات ولجان المجلس، ومن المتوقع دخول اليمن بعضوية كاملة، وربما يدخل العراق أيضا برعاية أميركية(.

أزمة الثروة

لقد شكلت الثروات منذ تاريخ قديم محركات للقوى الدولية على كافة صعدها و مستوياتها فحركة الكشوف الجغرافية فى القرن الخامس عشر و السادس عشر كانت كما هو معلوم تتحرك بدافع العثور على الثروة كما ان حركة الاستعمار الحديث كانت تقبع خلفها أزمة توزيع الثروة , ان انهيار الاتحاد السوفييتي و ما تلاه من أحداث أثرت فى تشكيل الأحادية القطبية فتحت الطريق واسعة لنهب ثروات الدول الأقل نموا تحت طائلة دعاوى مختلفة كما جعلت من العالم قرية يكتنفها الشر المستطير ومهددة بعظائم الأمور من ويل و ثبور تدعمه محنة توزيع الثروة و الشطط فى التعاطي معها ايضا,فالحرب على أفغانستان ترجح الأدلة على أنها ليست حرب النفط الأولى ولن تكون الأخيرة , فالحرب فى أفغانستان واضح انها من اجل السيطرة منابع النفط ، و كذلك الحرب على العراق التي أكدت الأحداث على أنها محاولة مكشوفة لنهب ثروات هذا البلد البترولية الذي يعد من الدول ذات الاحتياطي البترولي المتميز الذي يملك ثالث اكبر احتياطي العالم. وفي صفحة الرأي بصحيفة الفاينانشال تايمز مقال بعنوان "السعودية هي الهدف الرئيسي للحرب على العراق". ويشير المقال إلى العلاقات التي تربط الإدارة الأمريكية بالسعودية والعلاقة التي يعتقد أنها تربط بين الأسرة الحاكمة السعودية وبعض المتشددين الإسلاميين. وتشير الصحيفة إلى أربعة أسباب تدعو للتكهن بأن تورط السعودية في هجمات 11 سبتمبر أيلول، وهو ما توصل إليه تحقيق أخير أجراه الكونجرس الأمريكي، أدى إلى أن تشن الولايات المتحدة حربا على العراق

وهذه الأسباب هي

أولا: أن هجمات سبتمبر أيلول كانت تأكيدا لمدى الاضطرابات التي تحيط بالنفط السعودي، المصدر الرئيسي لاستقرار أسواق النفط العالمية. وكان البديل الوحيد المعادل للنفط السعودي هو النفط العراقي، الذي كان الحصول عليه مستحيل طالما بقي صدام حسين في الحكم
السبب الثاني: هو الحاجة إلى العثور على مقر بديل للقواعد العسكرية الأمريكية في السعودية، ومثل النفط السعودي، كانت القواعد الأمريكية في خطر خاصة وأنها السبب الرئيسي وراء الهجمات التي تشنها القاعدة على الأهداف الأمريكية. وإزالة نظام صدام حسين سيعني إمكانية نقل القواعد العسكرية من السعودية إلى العراق.
السبب الثالث: هو أن البيت الأبيض كان بحاجة لتوجيه تهديد قوي للقيادة السعودية، إذا اتخذتم خطوة أخرى تضر بأمريكا، سينتهي حكمكم. وكان ضرب دولة مجاورة هو أفضل الطرق لنقل هذه الرسالة.
أما السبب الرابع: والأخير فهو أمل الإدارة الأمريكية في أن تحول الأنظار عن الأسباب الحقيقية لهجمات 11 سبتمبر أيلول، وهي وفقا للصحيفة فشل المخابرات في تجنب الهجمات، وإبعاد الأنظار عن حقيقة أن شركاء سعوديين لأسرة الرئيس الأمريكي جورج بوش وأصدقائه متورطون في الهجمات

اتجاهات العولمة

مثلما أكدنا سابقاً على أن عولمة الأخلاق لها آثارها الإيجابية فإننا نعود مرة أخرى لنؤكد أن لعولمة الأخلاق ما يكتفنها من سلبيات تتجلى في احتمالية انهيار منظومة الأخلاق الأكثر استقامة والاشمل اتساقاً مع الفطرة السليمة والذوق الفطن ، إن التقاطع الثقافي والأخلاقي تنتج عنه اندحارات للثقافات والأخلاق وتراجعات للقيم الرخوة الامر الذي يكون معه الإنسان اكثر استهدافاً مما يضطره للفرز بين عولمة الثقافة الحميدة وعولمة الثقافة الرذيلة، وفي و اطارمتصل تقول الباحثة الاجتماعية ايما رينولد، من جامعة كارديف البريطانية :"إن العلاقات بين الاطفال في المرحلة الابتدائية باتت شائعة، مشيرة إلى أن صغارا دون سن السابعة يخرجون سويا وقد يستمر هذا النوع من العلاقة سنوات طويلة" وقالت في بحث أعدته بهذا الشأن إن الطفل أو الطفلة في هذه السن الصغيرة حريص على أن يكون لديه صديق أو صديقة (بوي فريند أو جيرل فريند).وتقول الباحثة البريطانية إنه في إحدى الحالات كان الطفلان(الولد والبنت) يخرجان سويا وهما في سن السابعة وكانا في الصف الثاني الابتدائي. وتضيف قائلة:"إن ذلك تضمن الجلوس سويا في الفصل، وتشابك الايدي، والقبلات". وتقول الباحثة إن المدرسين في المدرسة شعروا بالقلق من هذه العلاقة التي تتجاوز عمريهما فنقلوهما إلى فصلين مختلفين، وحينئذ انتهت العلاقة. وتقول الدكتورة رينولد إن المدرسين يسيئون أحيانا فهم العلاقة فيعطونها أكبر من حجمها، مشيرة على أن مسك الأيدي أو الحديث معا ليست دليلا على شئ. وتقول إننا جميعا نتذكر أشياء من هذا القبيل ترجع إلى مرحلة الطفولة ولا تعني شيئا. ويركز بحث الدكتورة رينولد على الاولاد في سن 10 و11 سنة على نحو خاص. وتقول الباحثة البريطانية إن أغلب الاولاد في هذه السن يميلون إلى تجنب البنات، وبعضهم بسبب الخوف من العلاقات مع البنات. ولكن بعض الأولاد لا يحجمون بل يصبحون "بوي فريندس" يستمتعون بعلاقات صداقة وطيدة مع البنات. وتقول الباحثة: "إن هناك تعارضا بين أن يكون الولد (بوي) و أن يكون (بوي فريندس)، ففي الحالة الاخيرة يفقد طفولته.ان هذا الجزء من المقال يحكى نموزج للاحلاق الاروبية التى لاتضع فواصل بين الرجل و المرأة. و يقابل ذلك العلاقة بين الرجل و المرأة فى العالم الاسلامى التى تدخل في تعقيدات جديدة بمرور الزمن و انتشار القنوات الفضائية و الاتصالات الامر الذى دعى الشيخ الذندانى للافتاء بصحة ما اسماه بزواج فريند للخروج من مأزق العلاقات الذى غزا العالم الاسلامى المصدر ( (bbc Arabic

التباين التنموي بين المركز والأقاليم
لقد تحول العالم إلى قرية واحدة لها مركز وأقاليم وأطراف إن حصر الجهود التنموية في المركز المتطور أصلاً الممثلة في منظومة الدول الغربية يجعل من اندياح دائرة التنمية في الأطراف اكثر صعوبة وتمثل الأطراف هنا الدول النامية . فمؤسسات مثل النبك الدولي و صندوق النقد الدولي تبدو و كأنها جزء من بعض النظم الغربية تعمل وفق الاولويات السياسية و ليس الاولويات الاقتصادية ، و اصبحت بذلك اداة الضغوط السياسية على الدول الفقيرة المحتاجة اصلاً لمجهودات التنمية و الاعماربإعتباره الهدف الرئيسة الذي نشأت في سبيله هذه المؤسسات ، مما نتج عنه ظواهر سالبة
اخذت طابعاً عالميا مثل الهجرة غير القانونية و الجريمة المنظمة و تدمير البيئة و القنبلة السكانية و غيرها

الاستعلاء القطبي
بانهيار الاتحاد السوفيتي وخلو وجه العالم من المارد الشرقي الذي حفظ التوازن الدولي لنصف قرن من الزمان ويزيد جعل من الولايات المتحدة وكتابها يرزحون تحت عقدة الاستعلاء العسكرى الذى عبر عنه وزير الخارجية الامريكى ابان الحرب على العراق الذى قال :ان ما حدث فى العراق يجب ان يكون مثالا و عظة للنظم الاخرى فى محور الشر , وهى ايران و كوريا الشمالية كما يرى توماس فريدمان ان الاشتباك العدائى ضد سوريا هو الخيار الامثل للتعامل مع سوريا (بوش:خذ سوريا و احصل على لبنان مجانا ),و كذلك عقدة الاستعلاء الثقافي التي عبر عنها أعنها كأوضح ما يكون الكاتب الأمريكي الجنسية الياباني الأصل الدكتور فرانسيس فاكوياما الذي قال في كتابه الشهير المعروف بنهاية التاريخ : "أن التطور الإنساني عبر حقبة طويلة دل على أنه انتهت حركة التطور السياسي إلى النظام الديمقراطي الليبرالي ، وكذلك حركة التطور الاقتصادي إلى ما يعرف باقتصاد السوق الحر,ان إن مثل هذا الفهم وما ينطوي عليه من عقد الاستعلاء الثقافي يؤخر التفاعل العالمي والانتقال إلى الاندماج في منظومة إنسانية اكثر اتساقا. مثل هذه الأفكار خلقت أجسام مضادة للثقافة الأمريكية لدرجة يشبه معها معها كتاب ( لماذا يكره الناس أمريكا) الثقافة الأمريكية بالإرهاب البيولوجي ويرى ان تلك الثقافة تفتقر إلى الهدف الواضح وأن كل ما يعنيها هو بث جراثيمها لتدمير المجتمع ، وما يزيد خطر هذه الثقافة أنها مغرية للآخرين ومرغوبة من قبلهم بينما يقوم الأمريكيون بزرع هذا الجرثوم السام فإن ضحاياه هم الذين يخوضون به . طبقاً لما يراه الكاتبان (فإن الهامبرجر خطير ليس لأنه يمثل الإمبريالية الثقافية فحسب إنما ألانه منتج يرغب فيه الآخرون ويعتبرونه متفوقاً وحديثاً) .

ان (السؤال المطروح، بعد سنتين من الاعتداء الارهابي المزدوج على نيويورك وواشنطن: هل اصبح العالم أكثر أمانا مما كان عليه قبل 11 سبتمبر 2001؟في سبتمبر 2001 تحدي مغامرون الدولة الأعظم في عقر دارها، فقوبل اعتداؤه باستهجان دولي لا مثيل له. وبعد سبتمبر 2001 سعت الولايات المتحدة الى اللحاق بالإرهاب الى عقر داره في أفغانستان. ورغم نجاحها في إسقاط نظام حركة طالبان، وفي تحقيق احتواء للمد الإرهابي داخل ذلك البلد، إلا أن توسيعها لمفهوم الإرهاب بعد تغيير النظام في أفغانستان تسبب في فتح عدة جبهات جديدة. سنتان فقط انقضتا على 11سبتمبر2001 كانتا كافيتين لابراز الخلل المفهومي في سياسة محاربة الارهاب الاميركية .
فى كلمته التى وجهها للشعب الامريكى بمناسبة أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول وتعهد بوش بتعقب أعضاء تنظيم القاعدة وإلحاق الهزيمة بهم. وتعلق التايمزعلى ذلك قائلة: إن الرسالة من الرجل تشكل تذكيرا للشعب الأمريكي والبيت الأبيض بأن الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة مازال ماثلا.

عقلية الحرب الباردة وميراثها

ان للحرب الباردة ورثة مثقلة من خلال العقلية التآمرية ,( وعقلية الحرب الباردة تعتبر هجمات 11 سبتمبر فرصة لتوطيد النفوذ السياسي والاستراتيجي عبر العالم، والاستحواذ على منابع الطاقة العالمية. ولعل هذا بالضبط هو ما قصده الرئيس بوش حينما قال عن الهجمات "إنها فرصة"!!ولا ريب أن الهجمات أتاحت فرصا للولايات المتحدة، منها إمكانية الخروج على الإجماع الدولي دون خوف، وانتهاك سيادة الأمم الأخرى دون عتاب. كما أن أوقات الأزمات عادة ما تدفع الشعب الأميركي إلى نوع من الجبرية الدينية، والانسياق الأعمى لما يقوله قادته، وتلك فرصة أخرى من فرص ما بعد 11 سبتمبر لا تقدر بثمن، إذا نظرنا إليها بمنطق الديماغوجية السياسية. لكن هذه الفرص خداعة، لأنها تفتح الباب أمام مآزق مستقبلية يسهل الدخول إليها ويعسر الخروج منها. فإطلاق اليد دون رقيب على المستوى الدولي دفع الحلفاء التقليديين إلى إبعاد أنفسهم عن الولايات المتحدة خوفا من دفع ثمن سياساتها، وأدى إلى نمو بذرة نظام دولي معاد لأميركا بشكل عام. وقد رأينا معالم ذلك في الموقف الفرنسي والألماني خلال التحضير الأميركي لغزو العراق. كما أن الانسياق الشعبي الناتج عن الرعب ليس موقفا يُعتد به على المدى البعيد. حيث تطورت المقاومة العراقية إلى عمليات فدائية يسقط فيها عشرات الجنود الأميركيين في الهجوم الواحد؟ )

في الخواتيم

يمكننا القول أن العالم في إطار قطبه الواحد تكتنفه السلبيات والإيجابيات على حد سواء وأن العثور على صيغة تحمي حقوق الإنسان وتنشر الديمقراطية وتكافئ بين المركز والأطراف وتزيل عقدة الاستعلاء لمهمة معقدة شائكة فهي معادلة متناقضة الأطراف ومتباينة الأهداف فالسعي لإقرار مفاهيم اكثر إيجابية هو مسؤولية الجميع ولكنه في المقام الأول مسئولية القطب الواحد . لعله ونحن نصل إلى خواتيم هذا المقال فإن الصورة أمامنا تبدو أكثر وضوحاً لجهة أن القطبية الأحادية لازمتها قطبية ثقافية تتباين فيها الأهواء والأمزجة لدرجة رأى معها البعض ان الخلاص لبلدان العالم النامي في أن تتبع دول أوربا ثقافيا والولايات المتحدة سياسية وهؤلاء يعتقدون بان الأولى تمتاز بالتوازن الأخلاقي والثانية تعاني الانفلات ولكنها الأكثر قدرة على المساهمة في عمليات التنمية وهناك من يرى ببطلان الدعوتين إذ أن للدول النامية شرعتها السياسية والثقافية التي تكفيها شر التبعية وذل المسألة مشيرون في الي التزام الاسلام منهاجاً للحل . وقد أدت حرب الخليج الثانية وتداعياتها إلى تحولات كبيرة في المواقف والسياسات الخليجية، فقد شهدت توترات سياسية داخلية حادة، وتصاعدت وتيرة المطالبة الشعبية بالمشاركة في رسم مستقبل البلاد.وزادت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من حضور قضايا حقوق الإنسان ودور المرأة، والمطالبة بإقامة أنظمة سياسية ديمقراطية، وإجراء انتخابات شعبية وتكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات.وشهدت السياسة الإيرانية تحولات محيرة ربما لم يتحقق فهمها وتقديرها بعد، فهي تبدو وكأنها تعاونت مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ولكنها في الوقت نفسه تبدو على خلاف كبير مع الولايات المتحدة، وتبدو مهددة ومتهمة برعاية الإرهاب والسعي لحيازة أسلحة دمار شامل.وتعرضت السعودية خاصة إلى حملة غربية واسعة وشرسة استهدفت مواقفها وسياساتها والأوضاع الداخلية فيها.ويبدو أن أمن الخليج قد تحول إلى قشة في مهب الرياح الإقليمية والدولية، وكان للسلوك الفردي من بعض الدول الخليجية في الترتيبات الأمنية ضرر كبير على مجلس التعاون الخليجي وعلى الهوية الوطنية في دول الخليج التي قد تتجه بفعل هذه الترتيبات إلى قطيعة مع الولاءات العربية والإسلامية التي كانت عصب الوعي السياسي والنسيج الاجتماعي عبر التاريخ .

Friday, May 9, 2008

الثقافة و السلام

عرف إدوارد تايلور الثقافة على أنها ( ذلك الكل المركب الذى يشتمل على المعرفة، و المعتقدات، و الفن ، و التقاليد، و كذلك المقدرات الاخرى ، و العادات المستحكمة لدى الناس كأعضاء فى المجتمع) و نظر هردير للثقافة على انها اداة تعوض النقص الفيزيقى للانسان فى صراعه من اجل البقاء ، و هى محاولة يتأنسن عبرها الانسان من خلال التربية ، ومن الواضح ان المفهوم المبكر للثقافة ارتبط بتصور الجهد الداخلى الهادف لصياغة التفكير بأسلوب شبيه بالتحولات التى تدخلها يد الانسان على الهيكل الطبيعى للعالم الخارجى ،و قد وصل هردير الى نتيجة تفيد بشمولية عامل الثقافة ، اى انه لم يتكلم ابداً عن الثقافة بصيغة الجمع مؤكداً على انها نتاج خاص بكل انسان، ولكل منها نصيب و جعل مقدر يعبر من خلاله عن مجموع ممارساته المتراكمة فى الحياة و منها القوانين التى تحكم حركته و المجموع من حوله ، و فنونه التى يقضي عبرها اوقات جماله ، و معتقداته الى ينتمىاليها لاتشباع فراغاته الفيزيقية ، و غيرها على حد مفهوم الثقافة لدى تايلور . بناءاً على ذلك، فإن التعايس السليمي يقوم على رعاية هذه النماذج و الحقوق الثقافية على قدم المساواة، بإعتيارها محل تقدير كل انسان وأن عادات وتقاليد كل فرد مهما تكن فى نظر الاخرين فهى محل تقديره و إحترامه وإعجابه و فخره
.
فإذا كانت الثقافة وعلى نسق أكثر شمولاً هى الموروث المتعلم وتخطى التجربة الشخصية ووفق التعاريف المذكورة . فإن لدى انسان السودان فى شرقه و غربه شماله و جنوبه ووسطه رصيد متكافىء من المعرفة والعادات والتقاليد والاعراف التى تعتبر الاساس الذي تقوم عليه عملية التعافي الثقافي، بهذا المعنى يفترض ان تمثل بقدر متكافئ فى نماذج الثقافة السائدة والمنقولة عبر الوسائط الاعلامية، وعرض نماذجها الشعبية من رقصات ونقارات وفنافين ووازاوات وكرنق فهي جميعها تعبر عن لوحة فنية كبري يمكنها ان تسهم بقدر وافر فى اظهار الوحدة الوطنية التي تقوم علي التعدد الثقافي والاثني .
ولعل بعض أسباب الاحتقان التي يشار اليها بإستمرار فيما يعرف عند البعض بإصطلاح المركز والهامش في إطار علاقتهما التبادلية، أو ما يعرف بسيطرة ثقافة المنطقة الثقافية الاوسطي بإعتبارها ثقافة سائدة مما نتج عنه وصم الثقافات الاخري علي أنها متنحية ، فإذا كانت الثقافة هي كيان و وجدان الانسان الذي يعبر عن مكمن فخره وإعزازه ، فإن ذلك لايتفق مع وصم  ثقافة ما على انها متنحية أو زائبة لصالح ثقافة أخري. ومما يجدر ذكره ولصالح ازالة اللبس فان تحديد منطقة ثقافية وسطى يقصد لدينا نموذج الثقافة الذي وجد حظاً من الزيوع والانتشار لاسباب غير قصدية وهو بالتالي ليس اصطلاحا عرقيا او اثني او جهوي .

وفي اتجاه اخر يجد عالم الاجتماع والثقافة الالماني الفريد فيبير ان من ميزات الثقافة الايجابية انها تقوم علي الاستعداد للقيام بالنشاط غير النفعي ، وحتي انها تتطلب التضحية بهذا الوجود وباسم مهام تعتبر الارفع وتمثل المعني الجوهري للحياة البشرية . ولكي تبقي الثقافة في حالة نمو لابد من انفتاح الثقافات المتنوعة والمتباينة علي بعضها البعض بالقدر الذي يسمح بالفعل والانفعال من اجل الاطلال علي افاق جديدة من عوامل الثقافة ومكوناتها ، ولكن ذلك مشروط بالانفتاح الحر الذي يتيح التفاعل الطبيعي دون قسر او ضغط ليتم في بوتقة التفاعل الخلاق . ولعله عند تناول قضية السلام في اي بلد، لابد من التركيز علي احترام حقوق الانسان الثقافية المرعية لدي تناول مفهوم الثقافة بمختلف اجزاءه، واذا كانت الثقافة و بالبداهة هى حق طبيعي من حقوق الانسان الاصيلة فان استدامت السلام تقوم علي احترام الكيانات الثقافية بطريقة تكفل لها المشاركة الفعالة في رفد نهر الثقافة بمقتنيات متعددة لاكمال صورة الوطن الواحد