Thursday, March 10, 2016

مقاربة ثيوسياسية حول رحيل المفكر الإسلامي حسن الترابي


حسن الترابي سياسي من طراز نفسه، هو دائم السعى لتكريس هذه الحقيقة ، وهى انه ليس امتداد لأي أحد من السابقين،  إنما يمثل نفسه فيما يقول ويفعل دائما ، فقد تجده في مرات عديدة سياسي انتهازي يسعى بميكافيلية منقطعة النظير لتحقيق ما يرنو اليه، هو رجل لا يعتمد فواصل مبدئية في  حياته السياسية، فهو يقدس الحرية عندما تخدم خطة السياسي، ويتبني الشوري كمنهج في بناء خياراته عندما تصب في تعزيز توجهاته، ويتبنى الحداثة لذات الأسباب.


الترابي يعتبر السياسة لعبة ربما تكون غذرة، ولا ضير عنده في ذلك، كما لا يرى تناقص في استغلال الدهماء وعامة الشعب في تحقيق أهدافه السياسية، وبناء أمجاد أقل من الثمن المدفوع فيها، ليس لحسن الترابي نظرية ثابتة في إدارة شؤون الدولة والناس، فهو يراها كما يراها هو في اللحظة المعينة، بهذا أفقد حسن الترابي رحمه الله بلاده فرض ذهبية في إرساء حكم ديمقراطي لو أنه صب قناعاته الفكرية وثقله السياسي لتحقيق هذا الهدف. فقد حمل حسن الترابي رأي تاريخيا معيبا في قضية العلاقة بين الجنوب والشمال، قاد هذا الرأى المشوه إلى فصل الجنوب كما كان متوقعا، هو يرى في الجنوب ، اما أن يقبل الإسلام ، إلا فليذهب إلى حيث شاء. كما يؤخذ على حسن الترابي كذلك المراوغة غير العقلانية والمغامرات غير محسوبة النتائج مثلما حدث في انقلاب الرئيس البشير، وغزو الخرطوم بواسطة حركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور خليل الابن البار لحسن الترابي، ومعروف عنه أيضا قدرته على التجييش في كل الاحوال، فهو متحدث بارع وله جاذبية كارزمية فائقة ، لقد استطاع الرجل عليه رحمة الله ، بقدرة قادر تحويل الحرب الاهلية في الجنوب إلى جهاد شرعي يتراص في صفوفه حملة الشهادات العليا وأصحاب القدرات والمؤهلات الكبيرة. وقد خلق حسن الترابي عليه رحمة الله من عدم قضية اسمها دارفور أصبحت جرحا ينزف في خاصرة الوطن، ها هو حسن الترابي ، يغادر المشهد السياسي وجراح الوطن التي فتحها أو ساهم في فتحها تزداد تقيحا. وقد جرف الرجل السياسة السودان إلى منعطفات خطيرة تبنت معها التشدد والتعصب الأعمى ، بل إن كثير من الدماء سالت فيما يقول أو يعتقد، هنا نشير ولا ضير إلى العلاقة الخارجية المشوهة إلتى ورط فيها السودان ، وهى العلاقات بما يسمى بالتيارات الجهادية التكفيرية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة وملحقاتها، مما جعل كل السودان موسوما بتبني هذه التيارات بل إن الاستخبارات الغربية جميعها تصنف السودان كحاضنة لتنظيمات التشدد والتيارات التكفيرية.

لقد رحل الرجل الذي شغل الناس حيا، وقد جاء دوره ليشغل الجميع وقد افضي الى حكم عدل.



 كان  للراحل، لاشك ، ادورا إيجابية كثيرة، أبرزها دعوة لتنقية الإسلام من الشوائب ، وعلمنة المعارف الإسلامية، أي اعتماد العلم في قياسها، ورأيه في دور العلوم العصرية في التقدم والرقي. 
فوق هذا وذاك،  فالرجل عالم ومفكر وقانوني أثرى المكتبة السودانية ، وشنف آذان شعبه بحلو الحديث وانيق الكلام، أن حسن الترابي رحمه الله ، خلد ذكراه بيده ، وجعل من نفسه سيمفونية عالمية لا يقتصر أثرها على السودان ، فالرجل تدين له العديد من الدول بكتابة دساتيرها، وأن معظم القوانين التي تحكم السودان منذ الاستقلال من حبر اقلامه، وخصوصيات افكاره، لقد ابتدع حسن الترابي وجدد في التراث والفقة الاسلامى بقسط وافر، وابتدع الترابي عليه الرحمة عقوبة متعلقة بما أسماه الشروع في الزنا لما تعذر عليه تطبيق حد الزنا، وقد كان هذا اجتهادا فريدا من نوعه وغير مسبوق، بهذا لا أقرر ان كنت معه او ضده. لقد نال حسن الترابي احترام كثير من الدوائر الغربية كعالم، بل إن الغرب يرهبه  ويخشى من تمدد أفكاره ، ويعتبرها الأخطر من نوعها.

أما المقاربة الثيوقراطية فتشير إلى أن حسن الترابي قد خلف فراغا عريضة سوف تملؤه التيارات الأكثر تشدد، وقد تجد الجماعة السلفية في السودان بعد اليوم مرتعا خصبة ولاسيما بعد التوجهات الجديدة للنظام، الذي تبنى المقاطعة مع إيران العدو المكافيء للوهابيون على المستوى السياسي. وقد خلف حسن الترابي فراغا عريضا فيما يلي تجديد الفكر والخطاب الإسلامي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، واخشى ما اخشاه أن تتسلل تيارات القاعدة والداعشيون إلى بلادنا التي كانت من قبل آمنة ومتسامحة، وذلك عبر حاضنتها المشار.
من جهة أخرى ،  قد يرى محللون أن رحيل الترابي سوف يعجل بوحدة الإسلاميين في السودان، وهي وحدة لن تضيف جديدا إلا إذا تبنت خطابا مغايرا ، وابتدعت نهجا يتلافى أخطاء الماضي ويحقق المصالحة الوطنية الشاملة للإسلاميين فيما بينهم، ويسعى لتجسير الهوة بين الإسلاميين وبقية الشعب، على أن يتمخض كل ذلك عن تفكير جديد حول إدارة شؤون الدولة والناس. ربما يرى قادة المؤتمر الوطني أن رحيل الرجل القوى يمهد لهم الطريق لابتلاع حزبه ، والانقضاض على موروثه مستغلين في ذلك التقارب الذي حدث مؤخرا بين الشيخ وتلاميذه في المؤتمر الوطني، حيث يفسر هذا التقارب على انه وصيته الشيخ الاخيرة. أن مثل هذا الاعتقاد سوف يزيد الطين بله، ويدخل السودان في نفق مظلم جديد.
اخيرا ،،،، فقد يشفع لحسن الترابي عند السودانيين والمتابعين ، وأنا منهم، موافقه الأخيرة الرامية إلى تصحيح أخطاء الماضي من قبيل دعوته لسودان متعدد ديمقراطي، تسوى فيه المشكلات عبر الحوار، والدبلوماسية والتفاوض. لقد سعى عليه رحمة الله في أخريات أيامه إلى تحقيق نوع من المصالحة بغض النظر عن كونها جزئية أو كليه، فهذا أمر يحمد له على قرار من لا يدرك كله لا يترك جله، لقد ترك الرجل الباب مشرعة والخيارات مفتوحة على جميع الاجتمالات، كما ترك جميع الجروح تنزف والضمادات على رف الإرادة. 
ومازال فى المداد بقية

نظرات في الامل والعمل




شيئان لا ينفصلان الامل والعمل، حيث ما كان الامل وجب العمل، وكلما عظم الامل شق العمل، وقد خاطب الشاعر العاجز بقوله لاتحسبن المجد تمر انت آكله، لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر، كما قيل وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخد الدنيا غلابا. كما وان الامل هو الحياة حيث قيل لا حياة بلا أمل ولا أمل بلا عمل.

وفي هذا لا يتعارض الامر مع احكام القدر فإن الاقدار باقدارها، وان الله قد خلقنا وسيرنا في امور وخيرنا في اخرى، عليه قيل ان الانسان مسير ومخير في نفس الوقت، فالمتعلم مثلا ربما يعيش حياة طيبة ورفيعة المستوى، ولكن نفس الانسان اذا جهل ربما يتسبب في ضرر نفسه اكثر من غيره. فالانسان المريض اذا تناول الدواء ربما يسفى ولكن اذا تركه ربما تسوء حالته حتى الموت.

نواصل 

في الانتظار

في انتظار الأسرة الكريمة، وهي تنتوي زيارة هانوي، إنها لحظات مشوية بالأمل الجميل، والتطلع لنوع آخر من الحياة، إنها الحياة في جو الأسرة الصغيرة، وفي كنف الرعاية الزوجية. إنها حياة كما خلقها الله ، رجل وزوجة وانباء، وترتيبات جديدة.
انا انتظركم بفارغ الصبر، ومملوء الامل، أن الرحال التي تقلكم، هي الأجمل بين ابل بن التميمي العناق.  هلا وألف مرحبا

Wednesday, March 9, 2016

في رحيل حسن الترابي

هذا الرجل عليه رحمة الله الواسعة، فتق جراح السودان مرات ومرات، فقد تبني منهاج إسلامي اعرج لا يخدم الإسلام ولا المسلمين، فحول شعار الإسلام المتسامح إلى فزاعة، يتهجس منها الناس في الشرق والغرب، بذلك يكون قد حرم الإسلام، هو من معه من مزية الانتشار التلقائي والعفوي مثلما انتشر عفويا في اندونيسيا وماليزيا وباكستان، وأفغانستان والهند وكشمير والبنقال، وميانمار، وغيرها من أصقاع الأرض في اروبا وأمريكا، والصين، حيث انتشر عفويا عبر التجار المسلمين وليس الدعاة المتطرفين، لاحظ التجار وأصحاب المصالح الدنيوية، لأن الدنيا كانت عندهم هي الدين.


فانفصال الجنوب، مثلا الذي هو من فضائل الترابي، عليه الرحمة، على السودان قد أوقف المد الإسلامي الطبيعى نحو افريقيا، بدل أن يظل الجنوب ضمن السودان، أسلم من أسلم وأبى من ابى، انفصل الجنوب ليتحول عاجلا أو آجلا إلى دولة مسيحية ستصبح حائط الصد الأول للمد الاسلامي.

من ناحية أجرى ، حسن الترابي ،عليه الرحمة ، لم يكن إنسانا عاديا، فنان أو شاعر، حتى نغرقه بهذا الحديث العاطفي الذي يشيء بتأييده فيما كان يفعل،  فالرجل صاحب افكار، علينا مواجهة أفكاره وتعريتها حيا وميتا، هو هنا ليس بحاجة لنتعاطف معه، الدعاء وهذا شأن اخر.

ثم ايها الحبيب ، لا تضع في أبناء الترابي وإشياعه ثقة ليديروا ظهرهم لكل هذه المغانم، ليتبنوا مجددا نهج يدعو للتسامح ، العدل والشورى، والمساواة، هذا حديث للحلم اقرب من الحقيقة، ورب يبول الثعلبان برأسه فقد هان من بالت عليه الثعالب.

من اقوال سقراط

أن الطمع وحب المزيد من الترف هي العوامل التي تدفع بعض الناس للتعدي على الجيران وأخذ ممتلكاتهم، أو التزاحم على الأرض وثراوتها وكل ذلك سيؤدي إلى الحروب .. إن التجارة تنمو وتزدهر في الدولة، وتؤدي إلى تقسيم الناس بين فقراء وأغنياء، وعندما تزيد ثروة التجارة تظهر منهم طبقة يحاول أفرادها الوصول إلى المراتب الإجتماعية السامية عن طريق المال، فتنقلب الدولة ويحكمها التجارب وأصحاب المال والبنوك، فتهبط السياسة
وتنحط الحكومات وتندثر .. ثم يأتي زمن الديمقراطية، فيفوز الفقراء على خصومهم ويذبحون بعضهم وينفون البعض الآخر ويمنحون الناس أقساطاً متساوية من الحرية والسلطان .. لكن الديمقراطية قد تتصدع وتندثر من كثرة ديمقراطيتها، فإن مبدأها الأساسي تساوي كل الناس في حق المنصب وتعيين الخطة السياسية العامة للدولة .. وهذا النظام يستهوي العقول، لكن الواقع أن الناس ليسوا أكفاء بالمعرفة والتهذيب ليتساووا في إختيار الحكام وتعيين الأفضل، وهذا منشأ الخطر. - سقراط

إلى الأمام الصادق والحبيب عبدالمحمود أبو، في حلاوة النعي مرارة


إلى الأمام الصادق والحبيب عبدالمحمود أبو، في حلاوة النعي مرارة ! الترابي لم يترك ما يستوجب الحمد على الاقل، في حال الناس ودنياهم.

هذا الرجل عليه رحمة الله الواسعة، فتق جراح السودان مرات ومرات، فقد تبني منهاج إسلامي اعرج لا يخدم الإسلام ولا المسلمين، فحول شعار الإسلام المتسامح إلى فزاعة، يتهجس منها الناس في الشرق والغرب، بذلك يكون قد حرم الإسلام، هو من معه من مزية الانتشار التلقائي والعفوي مثلما انتشر عفويا في اندونيسيا وماليزيا وباكستان، وأفغانستان والهند وكشمير والبنقال، وميانمار، وغيرها من أصقاع الأرض في اروبا وأمريكا، والصين، حيث انتشر عفويا عبر التجار المسلمين وليس الدعاة المتطرفين، لاحظ التجار وأصحاب المصالح الدنيوية، لأن الدنيا كانت عندهم هي الدين.

فانفصال الجنوب، مثلا الذي هو من فضائل الترابي، عليه الرحمة، على السودان قد أوقف المد الإسلامي الطبيعى نحو افريقيا، بدل أن يظل الجنوب ضمن السودان، أسلم من أسلم وأبى من ابى، انفصل الجنوب ليتحول عاجلا أو آجلا إلى دولة مسيحية ستصبح حائط الصد الأول للمد الاسلامي.

من ناحية أجرى ، حسن الترابي ،عليه الرحمة ، لم يكن إنسانا عاديا، فنان أو شاعر، حتى نغرقه بهذا الحديث العاطفي الذي يشيء بتأييده فيما كان يفعل،  فالرجل صاحب افكار، علينا مواجهة أفكاره وتعريتها حيا وميتا، هو هنا ليس بحاجة لنتعاطف معه، الدعاء وهذا شأن اخر.
ثم ايها الحبيب ، لا تضع في أبناء الترابي وإشياعه ثقة ليديروا ظهرهم لكل هذه المغانم، ليتبنوا مجددا نهج يدعو للتسامح ، العدل والشورى، والمساواة، هذا حديث للحلم اقرب من الحقيقة، ورب يبول الثعلبان برأسه فقد هان من بالت عليه الثعالب.