Friday, June 3, 2016

رسالة الوداع غابرييل غارسيا ماركيز


أصدر الكاتب الكولومبى الشهير الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1982 غابرييل غارثيا ماركيز رسالته الأخيرة (كرسالة وداع إلى أصدقائه ومحبيه) من فراش المرض، بعد اعتزاله الحياة العامة بفعل تدهور حالته الصحية.

وكتب ماركيز يقول "لو شاء الله.. أن يهبنى شيئا من حياة أخرى فسوف أستثمرها بكل قواى . ربما لن أقول كل ما أفكر به لكنى حتما سأفكر فى كل ما سأقوله . سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله ، بل لما تعنيه . سأنام قليلا، وأحلم كثيراً ، مدركا أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعنى خسارة ستين ثانية من النور. سأسير فيما يتوقف الآخرون ، وسأصحو فيما الكل نيام.. لو شاء ربى أن يهبنى حياة أخرى ، فسأرتدى ملابس بسيطة وأستلقى على الأرض ،، سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا ، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق .

وتابع يقول : 

"للطفل سأعطى الأجنحة ، لكنى سأدعه يتعلم التحليق وحده ،،،
وللكهول سأعلمهم أن الموت لا يأتى مع الشيخوخة بل بفعل النسيان ، 
لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر.. 

تعلمت أن الجميع يريد العيش فى قمة الجبل غير مدركين أن سر السعادة تكمن فى تسلقه . 

تعلمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرة الأولى فذلك يعنى أنه أمسك بها إلى الأبد .

تعلمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر، فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف ، تعلمت منكم أشياء كثيرة ! لكن قلة منها ستفيدنى، لأنها عندما ستوضع فى حقيبتى أكون أودع الحياة .
قل دائما ما تشعر به وأفعل ما تفكر فيه... لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التى أراك فيها، لقلت "أحبك"، ولتجاهلت - بخجل - أنك تعرفين ذلك. "

واستطرد: 

"هناك دوما غدا، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل ، لكن لو أنى مخطئ وهذا هو يومى الأخير، أحب أن أقول كم أحبك ، وأننى لن أنساك أبدا. لأن الغد ليس مضموناً ، لا للشاب ولا للعجوز . ربما تكون فى هذا اليوم المرة الأخيرة التى ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتى ، ولابد أن تندم على اليوم الذى لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة أو أنك كنت مشغولا كى ترسل لهم أمنية أخيرة . 

حافظ بقربك على من تحب، اهمس فى أذنهم بأنك بحاجة إليهم، أحببهم واهتم بهم ، وخذ ما يكفى من الوقت لتقول لهم عبارات مثل : أفهمك، سامحنى، من فضلك، شكرا، وكل كلمات الحب التى تعرفها . لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فأطلب من الرب القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك ..".

كم كنت مبدع ايها الكهل حتى وانت تنتظر الموت ...

هل نعتبرها وثيقة نستمد منها مايجب ان نكون علية في حياتنا ..
راقت لي كثيرا.

تعليق على خاطرة ماركيز الاخيرة

والله هذا كلام جميل، بالأمس عاتبني ابني مشعل هو رجل اقول رجل لأنه لا يهاب الكلام مهما كان الثمن، ولا يخاف ابدا ، له نظريات مؤمن بها مثل قوله مرة ( مستحيل يابا أن أتصرف مثلك لأن روحي ليست مثل روحك)، المهم. عاتبني قائلا  ( يابا انا ما قاعد اشوفك فرحان إلا مرة واحدة بس وهى لما تجي داخل البيت من الشغل، بعداك بتبدو كأنك غاضب). طبعا صدمت لحديثه.
خاطرة ماركيز الأخيرة إعادتني بحزن لتلك المداخلة المشعلية بالامس، فعرفت من ماركيز، اني قد ضيعت وقت كثير دون أن ابتسم في وجه أبنائي . ولكني سأحاول أن أفعل قبل فوات الأوان.

Thursday, June 2, 2016

انضمام السودان لمنظمة التجارة الدولية (wto ) ملاحظات في دفتر الاحوال

                                               


1. كما هو معلوم بالضرورة، فإن منظمة التجارة العالمية هي أكبر منظمة دولية تعنى بالسياسات الاقتصادية والتجاربة حول العالم، وهي المنظمة العالمية الأكثر أهمية لأي دولة على الإطلاق.
2. إذن ما هي خطوات الانضمام لهذه المنظمة؟
الخطوات التي يتطلب أن تمشيها أي دولة نحو هذه المنظمة قليلة ولكنها معقدة ما فيه الكفاية، فالخطوة الأولي تتمثل في الطلب (طلب العضوية) يحتوي هذا الطلب على ما مضمونه عرفنا عن نفسك، من انت ؟ ماهي السياسات الاقتصادية والسياسات النقدية التي تتبناها، وسعر الصرف، والديون الخارجية، ومعدل النمو الحالى والماضي والمتوقع، ومعدل التضخم الماضي والحالي والمتوقع، الشركاء الاقتصاديون العالميون، نموذج الإدارة الاقتصادية والمالية التي تتبعها، المشاكل المالية في بلدك، اي ما معناه طبيعة عمل اقتصادك الكلي واقتصادك الجزءي بالتفاضيل.
هذا بالإضافة إلى التفاصيل الكاملة عن السياسات التجارية التي تتبعها، وتشمل التعريفات الجمركية ونظامها، والحواجز غير الجمركية وطبيعتها، هل لديك كوتة تجارية، هل لديك سياسات لحماية المنتجات المحلية، وكذلك مطلوب منك توضيح قوائم الصادرات والواردات والصادرات وانواعها، ومصادرها. خلاصة القول في هذه النقطة (حدثنا عن نفسك ونحن عارفين عنك كل شيء).
بعد فراغ الدولة من إعداد هذا السفر المهيب تقوم المنظمة بفحص هذا الطلب بواسطة مجموعة عمل مفتوحة العضوية لكل الراغبين من الدول الاعضاء في حال حدث تقدم ايجابي في عمليات فحص الطلب تنتقل الدولة طالبة العضوية إلى مرحلة ثانية وهي مرحلة *المفاوضات الثنائية* وتتضمن هذه المرحلة تفاوض ثنائي معقد مع جميع أعضاء المنظمة ، تشمل هذه المفاوضات جوانب السياسات الاقتصادية والتجارية الثنائية التي تحتوي على مناقشة التعريفات الجمركية، والالتزامات المحددة نحو الوصول للأسواق الثنائية، وبعض السياسات الاخري المتعلقة بالسلع والخدمات.
وعند الفراغ من هذه المرحلة يتم تقديم نتائجها  إلى *جميع الدول الاعضاء للاطلاع للموافقة عليها أو رفضها، أو بالأحرى اتخاذ موقف منها عند التصويت بالانضمام الكامل*.
قدم السودان طلب الانضمام في عام 1994، ومن ثم كونت المنظمة فريق العمل، كما تم تعميم مذكرة السودان حول التجارة الخارجية في عام 1999، وقد عقد الفريق العامل اجتماعه الثاني في مارس 2004م.
في الوقت الراهن، وصل السودان مرحلة الثالثة في المفاوضات الثنائية وهي مناقشة الوصول للاسواق على أساس مراجعة سياسات السلع والخدمات، حسب علمي.
في حال نجح السودان في تجاوز هذه المرحلة سوف ينتقل إلى مرحلة *عرض نتائج المرحلة الثنائية على الدول الاعضاء، كما ذكرنا سابقا*. ومن ثم ينتقل إلى مرحلة؛
3. *مرحلة صياغة شروط العضوية* وتتكون من الشروط التجارية التي تم التوافق عليها طيلة فترة التفاوض، وهي صيغة معقدة جدا لأنها تتضمن مصالح جميع الدول الأعضاء في المنظمة.
4. المرحلة الرابعة والأخيرة وهي *عرض طلب الانضمام الكامل للمجلس الوزاري للتصويت عليه*، في حال حصل البلد المعني على ثلثي أعضاء المجلس الوزاري للمنظمة يكون قد حصل على حق العضوية.
الدول الواثقة من إمكانية انضمامها بتقوم دائما بعمل مصادقة برلمانية على الانضمام قبل الوصول الى المرحلة النهائية.
خاتمة:
الطريق المتبقي ليس صعبا ولكن العقبات السياسة سوف تكون المشكلة قبل العقبات الاقتصادية، إذ ان علاقة السودان الخارجية عليها الكثير من الملاحظات بناء على انعكاسات السياسات الداخلية دون الحاجة إلى الدخول في التفاصيل.