Monday, September 30, 2024

الحرب في السودان تتجاوز كل النظم والاعراف وحقوق الانسان


 صالح السليمي

    يعيش السودان واحدة من أحلك فصول تاريخه الحديث، حيث تنغمس البلاد في حرب لا يبدو لها نهاية قريبة. هذه الحرب ليست كسائر النزاعات التقليدية، بل تجاوزت في وحشيتها كل النظم والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. فالأطراف المتحاربة، في خضم سعيها لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، أغفلت بشكل كامل التزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين الذين وجدوا أنفسهم وسط دائرة العنف الدموية.

    كما ان الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها جماعات مسلحة في مختلف أنحاء البلاد تؤكد أن الحرب في السودان لم تعد مجرد نزاع على السلطة أو السيطرة على الأراضي، بل تحولت إلى معركة تتحدى كل القيم الإنسانية. ففي منطقة الحلفاية على سبيل المثال، ارتكبت جماعات متطرفة جريمة وحشية بتصفية عدد من المدنيين بدم بارد بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، بينما الراجح ان الضحايا هم من بين الذين تقطعت بهم السبل ولم يجدوا فرصة لمغادرة منطقتهم، تمثل هذه التصفيات انتهاك صارخ لكل ما تضمنته القوانين الدولية من حماية للأبرياء. هذه الواقعة ليست حادثة معزولة، بل هي جزء من نمط متكرر من العنف الممنهج الذي يهدف إلى بث الرعب والفوضى، وهو ما يهدد بإدخال السودان في دوامة من الصراعات المستدامة التي قد لا تنتهي قريباً.

    وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة، دفع تعنت القوات المسلحة ورفضها للحوار قوات الدعم السريع لإعلان وقف التفاوض ليزيد الوضع تعقيدًا وخطورة. حيث اتجه الدعم السريع نحو التصعيد العسكري الشامل، معلناً أن الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لتحقيق أهدافه. هذا التوجه نحو العمل العسكري سيفاقم الأزمة ويضع المدنيين في مرمى النيران، ويجعل من حياتهم مهددة بالزوال في أي لحظة. فبدلاً من البحث عن حلول سلمية تضمن للشعب السوداني حقه في الحياة الكريمة والأمان، تنخرط الأطراف المتحاربة في مواجهات شرسة لا تعير أي اعتبار لمصير الملايين من الأبرياء.

    كما إن تصعيد لم يتوقف عند العمليات العسكرية فقط، بل امتد إلى إثارة النعرات العنصرية التي تمزق النسيج الاجتماعي للسودان. لقد عبر عن ذلك التسجيل الصوتي القبيح الذي نشره المدعو عبدالرحمن عمسيب الذي أساء فيه لمواقف الحركات المسلحة بلغة عنصرية بغيضة، مما جعل الخطاب العنصري والتحريضي سلاحًا يستخدمه بعض الأطراف لتأليب مكونات المجتمع ضد بعضها البعض، مما يعزز التوترات الاجتماعية ويزيد من احتمالية انفجار نزاعات أهلية على أسس عرقية وقبلية. وهذا الأمر يشكل خطورة بالغة، حيث يرشح السودان لأن يتحول إلى ساحة صراع متفجر لا تقتصر خسائره على الجانب المادي فقط، بل قد تؤدي إلى انهيار الهوية الوطنية وتفكك الدولة.

    كذلك التطاول في أمد الحرب لا يخدم سوى تعميق جراح السودان، إذ أن المدنيين، الذين هم الضحية الأولى لهذا الصراع، يرزحون تحت وطأة معاناة لا تُحتمل. حيث النزوح الجماعي، والقتل العشوائي، وتدمير البنية التحتية، كل ذلك جعل من حياة السودانيين جحيماً لا يطاق. والمدنيون يعانون بشكل يومي في تأمين الضروريات الأساسية للحياة، من ماء وغذاء ودواء، فيما تنعدم الخدمات الطبية وتتعطل وسائل النقل. كذلك القهر النفسي الذي يتعرض له السكان في مناطق النزاع لا يقل شدة عن الأذى الجسدي، حيث يعيشون في خوف دائم من القصف والمواجهات المسلحة، وهم يراقبون بعيون يملؤها الأسى تدمير بلادهم وتهجير أبنائهم.

    كل هذه المؤشرات تدل على أن الحرب في السودان، إن استمرت على هذا النحو، قد تقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة. فالحلول العسكرية أثبتت فشلها في إنهاء النزاعات وتحقيق الاستقرار، والرهان على القوة وحدها لن يؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والتفكك. إن المطلوب اليوم هو تحرك دولي وإقليمي عاجل لإنهاء هذا النزاع الدموي، عبر الضغط على الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.

    كما ان الدور الدولي في هذه المرحلة حاسم، حيث يمكن للمجتمع الدولي أن يفرض عقوبات وضغوطات على الأطراف التي تواصل انتهاك حقوق الإنسان، ويمكنه كذلك دعم مساعي الوساطة والحوار السلمي.

    وفي هذا السياق، يجب أن لا تُترك قضايا العدالة والمحاسبة جانباً، بل يجب تقديم كل من ارتكب جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان للمحاكمة، حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه استغلال الحرب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب حياة الأبرياء.

    كل التوقعات تشير إلى إن مستقبل السودان على المحك، وكل يوم يمر دون تحرك جدي لإنهاء هذا النزاع يزيد من تعقيد الأوضاع ويقرب البلاد من حافة الهاوية. وإن الخيار الوحيد الذي يمكن أن ينقذ السودان من هذا المصير المظلم هو الحل السلمي الذي يأخذ في الاعتبار حقوق كل مكونات المجتمع السوداني، ويضمن العدالة والمساواة للجميع.

Sunday, September 29, 2024

الصراع في السودان لن يحسم عسكريا

 الصراع في السودان لن يُحسم عسكريًا؛ تجربة جنوب السودان خير دليل وشاهد

صالح السليمي

إن الصراع في السودان لن يُحسم عبر الحلول العسكرية، بل إن الحلول العسكرية ستؤدي إلى دمار أكبر وتوسيع هوة الفتنة. ان تجربة الحرب في جنوب السودان، التي امتدت لنحو خمس وثلاثين عامًا، وما نتج عنها من دمار واسع ومأساة إنسانية، تبرهن على أن الحرب لا تؤدي إلا إلى خراب الأوطان، وتدمير الشعوب. فقد قُتل أكثر من مليون شخص، وشُرد نحو ثلاث ملايين، وارتُكبت مجازر بشعة. وعليه، فإن تجربة جنوب السودان تُعد شاهدًا حيًا على أن الحسم العسكري ليس إلا وقودًا للصراع وتدمير المستقبل.

 الحرب في جنوب السودان لم تكن مجرد صراع على الأرض أو السلطة، بل كانت صراعًا على الهوية والتعايش المشترك. وبعد عقود من القتال، تحولت لأزمة سياسية ضخمة حصدت مستقبل الشعبين في الجنوب والشمال، مما ترك المجتمع في حالة من الدمار الكامل. وكان الجنوبيون، بعد هذا الصراع المدمر، أمام خيار وحيد هو الانفصال، ما أدى إلى تقسيم البلاد ودخول الشمال في أزمة اقتصادية خانقة. والدرس الذي يجب على الجميع تعلمه من هذه الحرب هو أن الصراعات المسلحة لا تؤدي إلا إلى زيادة المعاناة وإطالة أمد الفوضى والخراب، بل تُعجل بتدمير النسيج الاجتماعي والسياسي وتفكيك الدول.

كما ان ازمة دارفور التي تفجرت بسبب سياسة "فرق تسد" التي اتبعها النظام السابق، هي نموذج آخر لكيفية إدارة الصراعات في السودان بطريقة كارثية. فبدلاً من بناء جسور التفاهم، سعى نظام المؤتمر الوطني لتأجيج الصراعات الإثنية، مما أدى إلى قتل مئات الآلاف وتشريد ملايين آخرين. وهذا النهج لم يُسهم في تحقيق أي حل دائم، بل زاد من تعقيد الأوضاع في دارفور، علاوة على الصراعات التي كانت ناشبة اصلاً في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق. إن هذه السياسة، التي تعتمد على الحروب والقتل والتدمير، لا يمكن أن تُمثل أي حل للبلاد. بل على العكس، إنها تفتح المجال أمام المزيد من التردي السياسي والمجتمعي، وتُعزز من الانقسام الوطني. وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى تجارب دولية مشابهة، مثل تجربة رواندا وسيراليون، حيث شهدت تلك الدول حروبًا أهلية دامية، إلا أن الحلول السلمية والتوافقية كانت هي الطريقة الوحيدة للانتقال من دائرة العنف إلى مرحلة السلام. في رواندا، على سبيل المثال، نجحت المصالحة الوطنية في بناء مجتمع قوي ومستقر، رغم الفظائع التي شهدتها البلاد.

ولذلك الحل الحقيقي والأمثل للصراع السوداني هو الحل السلمي، الذي يستند إلى الحوار والمصالحة الشاملة. على أن يشمل هذا الحوار جميع الأطراف السودانية، بما في ذلك الأطراف السياسية والإثنية والقبلية، ويعتمد على تفعيل الدور الإقليمي والدولي لضمان تحقيقه. وقد اسفرت تجربة حرب السبعة عشر شهر الماضية انه ليس في مقدور أي طرف أن يفرض الحل العسكري، لذلك فالعقل يقول طالما لا يمكن لأي دولة أن تظل في حالة حرب لأجل غير مسمى فان تسريع الحل التفاوضي يظل امرا حيويا وحتميا. فالدول التي خرجت من صراعات شبيهة، مثل جنوب إفريقيا بعد نظام الفصل العنصري، أو كولومبيا بعد عقود من حرب العصابات، تؤكد أن الحلول السلمية التي تعتمد على مصالحة حقيقية ومشاركة جميع الأطراف هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار. في جنوب إفريقيا، قاد نيلسون مانديلا عملية سلام شاملة أفضت إلى بناء دولة منسجمة، بينما في كولومبيا، تم التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة ومتمردي الفارك، بفضل الوساطة الدولية والتزام الأطراف بالسلام. لذا، يجب على السودان أن ينطلق من هذه التجارب الدولية ويستفيد منها، في إطار عملية سياسية شاملة، تفضي إلى تأسيس دستور دائم ينص على حقوق الجميع ويعيد بناء مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعدلية. ويجب أن يشارك في وضع لبنات هذا الحل أطراف إقليمية ودولية، لضمان استدامة السلام وتجنب العودة إلى دائرة العنف.

إن الصراعات المسلحة في السودان، سواء في جنوب النيل الازرق أو دارفور أو كردفان، لن تُحل إلا عبر الحلول السلمية، التي تتضمن مصالحة حقيقية وتوافقًا سياسيًا يضمن حقوق الجميع. كما ان تجربة جنوب السودان تُعد درسًا قاسيًا يثبت أن الحروب لا تؤدي إلا إلى الخراب. ويجب أن يتحمل الجميع مسؤوليتهم في إيجاد حل سياسي عادل، يعيد للسودان مكانته ويسهم في بناء دولة قوية ومستقرة.

Saturday, September 28, 2024

 

متاهة البرهان

صالح السليمي

 في ظل استمرار الأزمة السودانية المستعصية،25 مليون على حافَة الموت جوعا،( 11 ) مليون مشردين بين نازج ولاجئ، انهيار كامل في البنية التحية، خروج البلاد عن دائرة الإنتاج، الانهيار شبه الكامل للنظامين الصحي والتعليمي، ملايين الطلاب في المدارس والجامعات ينتظرون استكمال مسيرتهم التعليمية. في أعمق هذه المأساة نجد الفريق أول عبد الفتاح البرهان أكثر اهتماما بالمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة على أمل اكتساب شرعية دولية وتعزيز موقفه على الساحة الإقليمية والدولية. إلا أن هذا التحرك يبدو محكوماً عليه بالفشل منذ البداية، إذ أن الذهاب إلى المنابر الدولية لن يكسب البرهان شرعية سواء في الداخل السوداني أو في الخارج. فالشرعية الحقيقية تنبع من أرض الوطن، ولا تُكتسب عبر الخطابات الخارجية. وان ذهاب البرهان إلى الأمم المتحدة لا يُغير شيئاً من الواقع المعقد الذي يعيشه السودان اليوم.

لا يفوت على فطنة أحد ان المجتمع السوداني، وكذلك المجتمعين الإقليمي والدولي، متفقون على أن الحل الوحيد للأزمة في السودان يجب أن يكون سلمياً، وأنه لا يوجد سبيل لإنهاء الصراع إلا من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات. كما ان محاولات البرهان للبحث عن دعم خارجي أو إضفاء شرعية على حكمه عبر المنصات الدولية لن تحقق الغايات المطلوبة، ولن تغيّر من المطالب الأساسية للشعب السوداني التي تدعو إلى إنهاء الحرب عبر الحوار.

  الحلول الحقيقية للأزمة تكمن في التفاوض، وان الطريق الوحيد لإحلال السلام في السودان هو العودة إلى طاولة المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، على غرار المبادرات التي جرت في جدة والمنامة وجنيف. فالمحادثات التي عقدت سابقاً أثبتت أن الحوار بين الأطراف ممكن هو كذلك السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم. وأي محاولة لاستبعاد التفاوض وتعميق الصراع العسكري ستكون عبثية ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والانقسامات.

في إطار ذلك، استعداد قوات الدعم السريع الدائم للجلوس على طاولة المفاوضات وقبول مبدأ الحل السلمي. هذا التوجه جعلها أقرب إلى الرأي العام المحلي والدولي مقارنة بالجيش الذي ما زال يعتمد على القوة العسكرية كحل للصراع. وإن قبول الدعم السريع للتفاوض ينسجم مع رغبة المجتمع السوداني والمجتمع الدولي في إيجاد حل سلمي ومستدام للأزمة. بينما يستمر البرهان في مساعيه الخارجية، يبقى الحل الوحيد الممكن هو العودة إلى مائدة التفاوض والابتعاد عن الاستراتيجيات العسكرية التي أثبتت فشلها.

ذهاب البرهان إلى الأمم المتحدة لن يجلب الحلول للسودان، ولن يغير من مواقف المجتمع الدولي أو الإقليمي، الذي يؤكد باستمرار على ضرورة إنهاء النزاع بالطرق السلمية. الشرعية التي يبحث عنها البرهان لا تُبنى في الخارج، بل تأتي من توافق وطني داخلي يعيد للسودان استقراره عبر الحوار والمفاوضات التي يقود الى وقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية يقودها المدنيون والعمل الفوري على اعادة بناء وهيكلة الدولة، واعمار ما دمرته الحرب.

 

السودان في عين العاصفة: وطن يواجه خطر الانهيار الشامل

صالح السليمي

يرزح السودان اليوم تحت وطأة أزمة غير مسبوقة في تاريخه، تتشابك فيها الخيوط الاقتصادية، الأمنية، الثقافية، الاجتماعية، والعسكرية لتضع البلاد أمام مصير قاتم. كل مؤشر يشير إلى انهيار قادم، وكل زاوية من زوايا السودان تعكس واقعاً متصدعاً على شفا الهاوية. في هذا المشهد المضطرب، تتراكم الأخطار وتتصاعد التهديدات، ليس فقط على مستوى السودان، بل على مستوى المنطقة بأكملها.

الاقتصاد يتهاوى والبنية التحتية في مهب الريح، ان ما يحدث في السودان اقتصادياً لا يقل عن كارثة. فالبلاد باتت عاجزة تماماً عن توفير الأساسيات، والبنية التحتية التي هي شريان الحياة لأي دولة، انهارت كليا. الطرق، الجسور، شبكات الكهرباء، والمرافق الصحية، كلها في حالة انهيار غير مسبوق. إذا استمر هذا الوضع، فإن السودان لن يتبقى له ما ينهض به، بل سيكون جسداً ميتاً بلا نبض ولا روح.

انهيار أمني كامل، السلاح والدم في كل زاوية، والبلاد لم تعد تعرف معنى الأمان، المواجهات المسلحة، الطيران، المدفعية تمزق البلاد إرباً، والمواجهات اتخذت منحى عرقياً وإثنياً خطيراً يهدد بتمزيق النسيج الوطني. هذه الحرب الدائرة بلا هوادة عمقت الجراح وتركت البلاد في حالة نزيف مستمر. في هذا المناخ المأزوم، تتنامى الجماعات المتطرفة، مستغلة الفوضى لتزيد الطين بلة.

بجانب ذلك يطل الانهيار الثقافي، فالمتاحف والآثار تحت الأنقاض وما تبقى تم نهبه من قبل الدول الطامعة في الحضارة السودانية، ورموز الهوية السودانية تسقط واحدة تلو الأخرى. المتاحف، الآثار، وكل ما يجسد تاريخ وحضارة السودان مهدد بالاندثار. هذه الرموز ليست مجرد مبانٍ أو قطع أثرية، بل هي ذاكرة الأمة وعمقها الحضاري. ولذلك انهيارها يعكس انهياراً أعمق في الهوية الوطنية، ويشكل جرس إنذار خطير بأن السودان يفقد نفسه شيئاً فشيئاً.

يصاحب ذلك تفكك اجتماعي؛ فالنسيج الوطني يمزق بلا رحمة، والأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية لم تؤثر فقط على الدولة، بل ضربت المجتمع في عمق تماسكه. فالعلاقات الاجتماعية تتفكك، والانقسامات العرقية والاجتماعية تتسع يوماً بعد يوم. هذا التفكك يفتح الباب أمام صراعات أهلية لا تُبقي ولا تذر، مما يجعل إمكانية بقاء السودان كدولة موحدة أمراً مشكوكاً فيه.

مواجهات عرقية وإثنية؛ فالجيش في أزمة، والحرب لم تعد سياسية فقط، بل دخلت في دوامة العرقية والإثنية. والجيش السوداني الذي كان من المفترض أن يكون عمود الدولة بات جزءاً من المشكلة. قيادته رهنت قراراتها لخدمة مصالح جماعات معينة، في مقدمتها جماعة المؤتمر الوطني، مما جعل الجيش أداة لإطالة أمد الصراع بدلاً من إنهائه.

من جهة، شبح التقسيم أصبح يقترب أكثر من أي وقت مضى؛ السودان يتفكك أمام الأعين، وتقسيم البلاد لم يعد مجرد فرضية، بل سيناريو يقترب بخطى متسارعة. ومع استمرار الانقسامات والصراعات الداخلية، فإن تفكك البلاد إلى كيانات متناحرة هو مسألة وقت. هذا التقسيم لن يكون نهاية معاناة السودان، بل بداية لانهيار شامل يمهد لحروب أهلية لا نهاية لها.

علاوة على ذلك، الجماعات التكفيرية؛ فالإرهاب يستغل الفوضى في هذا المناخ المضطرب، ظهرت الجماعات التكفيرية الجهادية كلاعب رئيسي في السودان، حيث قطع الرؤوس، وبقر البطون، والتمثيل بالجثث. هذه الجماعات المتطرفة تستغل الفوضى والفراغ الأمني لتأسيس معاقل لها، مما يجعل السودان بؤرة للإرهاب. وخطر هذه الجماعات لا يهدد السودان وحده، بل يمتد إلى المنطقة بأسرها، مع احتمال أن يتحول السودان إلى منصة لانطلاق العمليات الإرهابية في كل الاتجاهات.

غني عن القول، ان الإسلاميين والجيش هم شركاء في الخراب، فالحركة الإسلامية تتحمل مسؤولية مباشرة عن الدمار الذي يشهده السودان، فهي تسعى لاستعادة السلطة على أنقاض الشعب، فاستخدام العنف والفوضى كأدوات للوصول إلى السلطة يعكس انعدام أي شعور بالمسؤولية الوطنية. ومن جانب آخر، الجيش الذي كان من المفترض أن يكون حامي الوطن، تحول إلى أداة في يد جماعات سياسية تسعى للهيمنة، مما عمق الأزمة وأطال أمد المعاناة.

نعم الجيش لا يحارب نفسه، انما يحارب قوات الدعم السريع، التي كان يقول انها من رحمه، ومن أنبل صناعته، اليوم اختلف مع تلك القوات التي قال عنها عمر البشير يوما ما انها كانت نتاج لأفضل القرارات التي اتخذها طوال فترة حكمه. السودانيين اليوم يموتون بسبب الصراع المحتدم بين الطرفين وتدفع النساء والرجال والأطفال والمرضى اثمان باهظة، وأصبح الناس يحلمون بوطن ضاع من بين أيديهم. وطالما دعا الشعب والمجتمع الإقليمي والدولي كذلك الى الجلوس الى طاولة تفاوض يصار فيها الى حلول للازمة بوقف شامل لأطلاق النار، والعودة العاجلة للمسار المدني الديمقراطي، حيث يمكن للبلاد ان تنطلق مجددا نحو رحلة شاقة لإعادة الاعمار.

ليس ذلك فحسب، بل أصبح السودان مهدد للسلم الوطني والاقليمي، وقد يفجر حرباً في القرن الأفريقي، فالأزمة في السودان تتجاوز حدود الدولة لتشكل تهديداً حقيقياً على الاستقرار الإقليمي. وان تفكك السودان قد يكون الشرارة التي تشعل صراعاً إقليمياً في منطقة القرن الأفريقي، خاصة في ظل التوترات القائمة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، والتدخل المصري المستمر في السودان، والمواجهة المحتملة مع إثيوبيا ما قد يشعل حرباً إقليمية لا تُحمد عقباها.

ختاما يواجه السودان أخطر لحظة في تاريخه، حيث كل مؤشر يدل على أن البلاد تسير نحو الانهيار الشامل. إذا لم تتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية لإيجاد حلول جذرية وسريعة، فإن السودان لن يكون إلا نموذجاً لدولة منهارة تسقط في فوضى لا نهاية لها، ويجرّ معه المنطقة بأسرها إلى حافة الهاوية.

خطاب حميدتي الموجهة للجمعية العامة للامم المتحدة

 


رأي

رأي.. خطاب حميدتي إلى الدورة (79) للجمعية العامة للأمم المتحدة: وسدد الكرة في مرمى البرهان

صالح السليمي

في خطاب مسجل وجهه الجنرال محمد حمدان دقلو إلى الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء الخطاب قوياً رمى فيه بالمسؤولية على عاتق الجنرال عبد الفتاح البرهان، محمّلاً إياه تبعات المأساة المستمرة في السودان. ولم يتردد حميدتي في كشف الحقائق على الملأ، مسلطاً الضوء على ما وصفه بأنه حرب ضروس يقودها البرهان ضد شعبه، رافضاً الحوار والبحث عن حلول سلمية. 

كذلك، شدد حميدتي على أن الكرة الآن في مرمى البرهان، الذي يرفض إنهاء الصراع المسلح ويدفع البلاد نحو المزيد من الخراب. وأشار إلى أن البرهان يقود هذه الحرب بلا هوادة، متجاهلاً دعوات السلام ورافضاً الحوار، في وقت يتوق فيه الشعب السوداني إلى وضع حد لهذه الكارثة. حميدتي لم يكتفِ بتحميل البرهان المسؤولية أمام الشعب السوداني فقط، بل وضعه أيضاً أمام المجتمع الدولي بأسره، مؤكداً أن مأساة السودان لن تنتهي إلا إذا اختار البرهان التوقف عن العنف والدخول في حوار شامل.

علاوة على ذلك، أشار حميدتي إلى أن أهداف الشعب السوداني في وقف الحرب وتحقيق السلام تتطابق تماماً مع أهداف الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وأن الشعب السوداني يسعى إلى تحقيق الحرية والعدالة والمساواة، وهي القيم التي تتفق مع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة. وأن دعوة حميدتي لم تكن مجرد دعوة لإنهاء الحرب، بل كانت دعوة للمجتمع الدولي للوقوف بجانب الشعب السوداني ودعمه في نضاله لتحقيق هذه القيم.

تميز خطاب حميدتي بالإشادة بثورة الشعب السوداني في ديسمبر 2018، التي اندلعت لتحقيق تطلعات السودانيين في الحرية والعدالة والمساواة. وتأكيده على أن ثورة ديسمبر كانت تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب السوداني، وأنها تمثل واحدة من أعظم لحظات تاريخ السودان. وبيّن أن الحرب التي يقودها البرهان اليوم هي محاولة لقمع هذه التطلعات وتدمير إرادة الشعب. الجنرال حميدتي، في دفاعه عن الثورة، أشار إلى أن السعي لتحقيق الحرية لا يزال مستمراً، وأن العودة إلى المسار المدني الديمقراطي هو السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الشعب.

في كلمات واضحة وثابتة، جدد الجنرال حميدتي التزامه بالعودة إلى المسار المدني الديمقراطي في السودان. وشدد على أن الشعب السوداني يستحق حكومة مدنية تعبّر عن تطلعاته الحقيقية. هذا الالتزام لم يكن مجرد كلمات، بل جاء مدعوماً بمطالب واضحة بإنهاء الحرب والبدء في حوار وطني شامل يعيد البلاد إلى المسار المدني.

كذلك، من النقاط المركزية في خطاب الجنرال حميدتي كان رفضه القاطع لتمثيل البرهان للشعب السوداني في الأمم المتحدة. وأوضح أن البرهان، وهو يقود حرباً ضد شعبه، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ممثلاً له على المسرح الدولي. وشدد على أن البرهان فاقد للشرعية، سواء داخلياً أو خارجياً، وأنه يقف على النقيض من تطلعات الشعب السوداني. كما لم يكن رفض حميدتي موجهاً للبرهان فقط، بل كان رسالة واضحة للأمم المتحدة وللمنظمات الإقليمية والدولية التي تدعو إلى السلام، بأن البرهان هو العائق أمام أي تقدم نحو السلام في السودان.

من جهة، حميدتي سلط الضوء على التناقض الصارخ في دعوة البرهان لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن هذه الدعوة تتعارض مع الواقع، حيث يرفض الشعب السوداني وقواه الحية ممثلة في الأحزاب والنقابات الاعتراف بـ”شرعية البرهان”، كما أن المنظمات الإقليمية والدولية تزداد اقتناعاً بأن البرهان هو العائق الرئيسي أمام استقرار السودان. هذا التناقض، يظهر بوضوح كيف أن النظام الذي يمثله البرهان فقد شرعيته، ويعيش في عزلة سياسية تزداد عمقاً مع استمرار الحرب.

ختاما، وضع حميدتي الكرة في مرمى المجتمع الدولي، محملاً الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية مسؤولية التدخل لدعم الشعب السوداني. وأكد أن تجاهل الأوضاع في السودان لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى والمعاناة. وأن الشعب السوداني يقف وحيداً في مواجهة الحرب، وينتظر دعماً حقيقياً من المجتمع الدولي. وفي إطار دعوته للسلام يطالب حميدتي العالم بأن يتحمل مسؤولياته، مؤكداً أن الحلول السلمية ممكنة إذا ما تخلص الجيش من تأثير الجماعات المتطرفة وعاد إلى رشده. فرسالة حميدتي كانت واضحة؛ البرهان لا يمثل السودان، والشعب يستحق فرصة حقيقية للسلام والحرية.

Friday, September 27, 2024

السودان من مصيدة الخبز الى مصيدة الحرب

 السودان من مصيدة الخبز الى مصيدة الحرب

صالح السليمي

تشير مصيدة الخبز إلى عملية تغيير النظام الغذائي التقليدي في بعض البلدان إلى نظام يعتمد بشكل كبير على الخبز المصنع من دقيق القمح، بدلاً من الأنظمة الغذائية التقليدية التي كانت تعتمد على محاصيل محلية مثل الذرة أو الدخن. ويحدث هذا التحول في كثير من الأحيان بسبب العوامل الاقتصادية والسياسية، حيث يتم استيراد القمح بأسعار مدعومة، مما يجعل الخبز المصنوع من القمح أرخص وأسهل توافرًا من الغذاء المحلي التقليدي.

في السودان، على سبيل المثال، كان النظام الغذائي التقليدي يعتمد بشكل كبير على الذرة والدخن، والتي تُزرع محليًا. ومع الوقت، تم تحويل هذا النمط إلى اعتماد أكبر على القمح المستورد. وتسبب هذا في عدة مشاكل، فمع تحول المجتمع إلى استهلاك الخبز المصنع من القمح المستورد، يصبح البلد معتمداً بشكل أكبر على واردات القمح، مما يزيد من هشاشة الأمن الغذائي الوطني. كما ان التحول إلى القمح المستورد يمكن أن يؤدي إلى تراجع إنتاج المحاصيل المحلية مثل الذرة والدخن، مما يؤثر سلبًا على المزارعين المحليين وعلى التنوع الغذائي. هذا علاوة على التأثيرات الصحية، فقد يتسبب التحول من الأطعمة التقليدية الغنية بالمغذيات إلى الأطعمة المصنعة والمكررة مثل الخبز في آثار صحية سلبية، مثل زيادة معدلات الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي. هذه المصيدة الغذائية تعكس توجهًا عالميًا حيث تفرض العولمة وتأثيرات السوق تغييرات كبيرة على الأنماط الغذائية التقليدية.

ففي " عام 2020، كانت أكبر واردات السودان هي السكر الخام (560 مليون دولار) والقمح (530 مليون دولار). كما استوردت البلاد جرارات بقيمة 160 مليون دولار. في الوقت الذي يُقدر فيه مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في السودان بنحو 51.5 مليون فدان، منها 4.3 مليون فدان مروية".

في السياق، ظلت السياسية الزراعية وسياسات الاقتصاد الكلي في بلادنا من أضعف السياسات على الاطلاق، وقد كان السودان يعتمد في الغذاء على الإنتاج المحلي لاسيما الذرة والدخن الى ما بعد الاستقلال، حيث انخرطت البلاد في سياسات خاطئة تعتمد على استيراد القمح المدعوم تارة، وقمح المعونات تارة اخرى، حيث تتزايد فاتورة الواردات تدريجيا ويتغير معها النمط الغذائي للمستهلك للدرجة التي اصبح معها أي حديث عن ضرورة التفكير وإعادة النظر في تصميم نمط غذائي جديد يوازن بين استغلال المنتجات المحلية (الذرة والدخن) وتقليل فاتورة الواردات ضربا من الجنون، لان معظم الأجيال الحديثة لم تدرك ذاك النمط الغذائي الذي كان سائدا في السودان قبيل دخولنا طواعية في هذه المصيدة .

عندما المقارنة بين واردات السودان في 2020 أعلاه، نجد ان واردات القمح (530 مليون دولار امريكي) أكبر من واردات الجرارات (160 مليون دولار امريكي) في بلد زراعي من الدرجة الاولي، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة مباشرة دون استصلاح أكثر من (51.5 مليون فدان) بحسب المصدر أعلاه.

ختاما: سوف تنتهي الحرب قريباً، فهل يشق السودان طريقا جديدا يقوم على تعزيز استخدام المنتجات المحلية، وبناء نمطا غذائيا خاصا يوازن بين خفض فاتورة الواردات وتحفيز الصادرات، والانتقال مباشرة الدخول في ثورة الصناعات الزراعية والحيوانية، ومنع تصدر المواد الخام بنصوص الدستور وكل القوانين، هل سيفتح السودان منصة جديدة لبناء امة تعتمد على نفسها وتساهم كغيرها من الأمم في دعم وتعزيز السلام العالمي (!)

السودان الانهيار الاقتصادي والاجتماعي

تشهد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السودان انهيارًا خطيرًا بسبب الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذا الصراع أدى إلى انهيار البنى التحتية والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، بالإضافة إلى تهجير الملايين من المواطنين داخل وخارج البلاد.وتبدو ملامح الانهيار الاقتصادي في تراجع قيمة العملة الوطنية الجنيه السوداني الذي شهد تدهورًا حادًا في قيمته أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق. كذلك شهدت البلاد انهياراً شبه كامل في القطاعات الإنتاجية لاسيما قطاعي الزراعة والصناعة، حيث تأثرت بشدة بسبب غياب الأمن وانعدام الموارد، مما أدى إلى نقص الغذاء وتدهور الإنتاج المحلي. هذا علاوة على ارتفاع معدلات البطالة والفقر الى مستويات قياسية، وتوقف الأعمال وتدمير الكثير من المؤسسات مما أدى إلى فقدان ٨٥٪؜ من العاملين لوظائفهم، وأدى كذلك إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير. هذا الوضع فاقم ازمة الديون التاريخية المتراكمة، ومعلوم ان السودان يعاني من ديون خارجية كبيرة بلغت اكثر من ٦٣ مليار دولار أمريكي، كانت على وشك الالغاء ابان عهد الدكتور عبدالله حمدوك، حيث ثبت للدول الصديقة ضرورة إعفائها في ظل عدم قدرة السودان على سدادها، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية. 

على صعيد آخر أدت الحرب إلى انهيار اجتماعي مكتمل الأركان، حيث ذهب اكثر من ربع السكان بين النزوح واللجوء، حين نزوح ملايين الأشخاص إلى المناطق الآمنة داخل وخارج السودان، مما شكل ضغطًا كبيرًا على الخدمات والبنى التحتية. علاوة على انهيار منظومة الخدمات الصحية والتعليمية، حيث خرجت من الخدمة العديد من المستشفيات والمدارس تعرضت للتدمير، وانخفضت جودة الخدمات الأساسية بشكل حاد. كما تصاعد العنف الاجتماعي بسبب الصراع المسلح وانهيار الأجهزة الأمنية ما أدى إلى انتشار الفوضى والجريمة. ومن التداعيات الحتمية لهذا الصراع العبثي الانهيار الوشيك للدولة، إذ يؤدي استمرار الحرب إلى تفكك السودان وانهيار الدولة بالكامل، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار في المنطقة، ذلك مع تصاعد الأزمة الإنسانية ممثلة في نقص الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية التي ستزيد من معاناة المدنيين، وقد تؤدي إلى مجاعات وأوبئة. وربما تطال تداعياتها الإقليم بأسره، فالسودان يقع في منطقة حساسة جيوسياسيًا، واستمرار الحرب قد يؤدي إلى تأثيرات على جيرانه والمجتمع الدولي. 

حيال هذا الوضع لابد من طرق للتصدي لهذا الكارثة والحيلولة دون تبلغ مداها، وذلك من خلال التفاوض والحل السياسي، ويظل الحل السلمي هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، ويجب أن يتدخل المجتمع الدولي بقوة لدفع الأطراف المتنازعة إلى التفاوض. كما ان وقف الحرب يتطلب ان تتلوه مباشرة حملة محلية واقليمية ودولية لإعادة بناء الاقتصاد، ذلك بالتركيز على جهود إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص العمل. مع مضاعفة المساعدات الإنسانية، وضرورة توفير مساعدات عاجلة لتخفيف المعاناة، مع الاهتمام بإعادة تأهيل البنى التحتية الصحية والتعليمية. هذا مع اهمية محاربة الفساد المستشري في السودان الذي يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي قادت لانهيار الدولة، كما يجب اتخاذ خطوات جادة لبناء دولة مدنية ديمقراطية ذات مؤسسات فعالة تنال رضى السودانيين وتقوم على مبادئ الحكم الرشيد.