Friday, September 27, 2024

السودان الانهيار الاقتصادي والاجتماعي

تشهد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السودان انهيارًا خطيرًا بسبب الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذا الصراع أدى إلى انهيار البنى التحتية والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، بالإضافة إلى تهجير الملايين من المواطنين داخل وخارج البلاد.وتبدو ملامح الانهيار الاقتصادي في تراجع قيمة العملة الوطنية الجنيه السوداني الذي شهد تدهورًا حادًا في قيمته أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق. كذلك شهدت البلاد انهياراً شبه كامل في القطاعات الإنتاجية لاسيما قطاعي الزراعة والصناعة، حيث تأثرت بشدة بسبب غياب الأمن وانعدام الموارد، مما أدى إلى نقص الغذاء وتدهور الإنتاج المحلي. هذا علاوة على ارتفاع معدلات البطالة والفقر الى مستويات قياسية، وتوقف الأعمال وتدمير الكثير من المؤسسات مما أدى إلى فقدان ٨٥٪؜ من العاملين لوظائفهم، وأدى كذلك إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير. هذا الوضع فاقم ازمة الديون التاريخية المتراكمة، ومعلوم ان السودان يعاني من ديون خارجية كبيرة بلغت اكثر من ٦٣ مليار دولار أمريكي، كانت على وشك الالغاء ابان عهد الدكتور عبدالله حمدوك، حيث ثبت للدول الصديقة ضرورة إعفائها في ظل عدم قدرة السودان على سدادها، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية. 

على صعيد آخر أدت الحرب إلى انهيار اجتماعي مكتمل الأركان، حيث ذهب اكثر من ربع السكان بين النزوح واللجوء، حين نزوح ملايين الأشخاص إلى المناطق الآمنة داخل وخارج السودان، مما شكل ضغطًا كبيرًا على الخدمات والبنى التحتية. علاوة على انهيار منظومة الخدمات الصحية والتعليمية، حيث خرجت من الخدمة العديد من المستشفيات والمدارس تعرضت للتدمير، وانخفضت جودة الخدمات الأساسية بشكل حاد. كما تصاعد العنف الاجتماعي بسبب الصراع المسلح وانهيار الأجهزة الأمنية ما أدى إلى انتشار الفوضى والجريمة. ومن التداعيات الحتمية لهذا الصراع العبثي الانهيار الوشيك للدولة، إذ يؤدي استمرار الحرب إلى تفكك السودان وانهيار الدولة بالكامل، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار في المنطقة، ذلك مع تصاعد الأزمة الإنسانية ممثلة في نقص الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية التي ستزيد من معاناة المدنيين، وقد تؤدي إلى مجاعات وأوبئة. وربما تطال تداعياتها الإقليم بأسره، فالسودان يقع في منطقة حساسة جيوسياسيًا، واستمرار الحرب قد يؤدي إلى تأثيرات على جيرانه والمجتمع الدولي. 

حيال هذا الوضع لابد من طرق للتصدي لهذا الكارثة والحيلولة دون تبلغ مداها، وذلك من خلال التفاوض والحل السياسي، ويظل الحل السلمي هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، ويجب أن يتدخل المجتمع الدولي بقوة لدفع الأطراف المتنازعة إلى التفاوض. كما ان وقف الحرب يتطلب ان تتلوه مباشرة حملة محلية واقليمية ودولية لإعادة بناء الاقتصاد، ذلك بالتركيز على جهود إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص العمل. مع مضاعفة المساعدات الإنسانية، وضرورة توفير مساعدات عاجلة لتخفيف المعاناة، مع الاهتمام بإعادة تأهيل البنى التحتية الصحية والتعليمية. هذا مع اهمية محاربة الفساد المستشري في السودان الذي يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي قادت لانهيار الدولة، كما يجب اتخاذ خطوات جادة لبناء دولة مدنية ديمقراطية ذات مؤسسات فعالة تنال رضى السودانيين وتقوم على مبادئ الحكم الرشيد.

No comments: