Thursday, September 26, 2024

متاهة البرهان

 

متاهة البرهان

صالح السليمي

 في ظل استمرار الأزمة السودانية المستعصية،25 مليون على حافَة الموت جوعا، 11 مليون مشردين بين نازج ولاجئ، انهيار كامل في البنية التحية، خروج البلاد عن دائرة الإنتاج، الانهيار شبه الكامل للنظامين الصحي والتعليمي، ملايين الطلاب في المدارس والجامعات ينتظرون استكمال مسيرتهم التعليمية. في أعمق هذه المأساة نجد الفريق أول عبد الفتاح البرهان أكثر اهتماما بالمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة على أمل اكتساب شرعية دولية وتعزيز موقفه على الساحة الإقليمية والدولية. إلا أن هذا التحرك يبدو محكوماً عليه بالفشل منذ البداية، إذ أن الذهاب إلى المنابر الدولية لن يكسب البرهان شرعية سواء في الداخل السوداني أو في الخارج. فالشرعية الحقيقية تنبع من أرض الوطن، ولا تُكتسب عبر الخطابات الخارجية. وان ذهاب البرهان إلى الأمم المتحدة لا يُغير شيئاً من الواقع المعقد الذي يعيشه السودان اليوم.

لا يفوت على فطنة أحد ان المجتمع السوداني، وكذلك المجتمعين الإقليمي والدولي، متفقون على أن الحل الوحيد للأزمة في السودان يجب أن يكون سلمياً، وأنه لا يوجد سبيل لإنهاء الصراع إلا من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات. كما ان محاولات البرهان للبحث عن دعم خارجي أو إضفاء شرعية على حكمه عبر المنصات الدولية لن تحقق الغايات المطلوبة، ولن تغيّر من المطالب الأساسية للشعب السوداني التي تدعو إلى إنهاء الحرب عبر الحوار.

  الحلول الحقيقية للأزمة تكمن في التفاوض، وان الطريق الوحيد لإحلال السلام في السودان هو العودة إلى طاولة المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، على غرار المبادرات التي جرت في جدة والمنامة وجنيف. فالمحادثات التي عقدت سابقاً أثبتت أن الحوار بين الأطراف ممكن هو كذلك السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم. وأي محاولة لاستبعاد التفاوض وتعميق الصراع العسكري ستكون عبثية ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والانقسامات.

في إطار ذلك، استعداد قوات الدعم السريع الدائم للجلوس على طاولة المفاوضات وقبول مبدأ الحل السلمي. هذا التوجه جعلها أقرب إلى الرأي العام المحلي والدولي مقارنة بالجيش الذي ما زال يعتمد على القوة العسكرية كحل للصراع. وإن قبول الدعم السريع للتفاوض ينسجم مع رغبة المجتمع السوداني والمجتمع الدولي في إيجاد حل سلمي ومستدام للأزمة. بينما يستمر البرهان في مساعيه الخارجية، يبقى الحل الوحيد الممكن هو العودة إلى مائدة التفاوض والابتعاد عن الاستراتيجيات العسكرية التي أثبتت فشلها.

ذهاب البرهان إلى الأمم المتحدة لن يجلب الحلول للسودان، ولن يغير من مواقف المجتمع الدولي أو الإقليمي، الذي يؤكد باستمرار على ضرورة إنهاء النزاع بالطرق السلمية. الشرعية التي يبحث عنها البرهان لا تُبنى في الخارج، بل تأتي من توافق وطني داخلي يعيد للسودان استقراره عبر الحوار والمفاوضات التي يقود الى وقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية يقودها المدنيون والعمل الفوري على اعادة بناء وهيكلة الدولة، واعمار ما دمرته الحرب.

No comments: